وطني في غرفة الإنعاش

> سالم بجود باراس

> الوطن يمر بمنعطف خطير ومنزلق مخيف، لن يبني هذا الوطن إلا أهله الذين مزجوا حبه بدمهم، أما تلك الأصوات النشاز التي تغرد خارج السِرب، وتسرق لقمة الرغيف، فلن ولن تزرع حبة قمح، ولن تجد منها غير مواعيد عرقوب.
مرت علينا حكومات وسفكت دماء وأنت يا وطني كما أنت ترزح تحت الفقر والعوز، شعبك فاغر فاه لمستقبل جميل، ولكن هيهات هيهات تبخرت الأحلام وأصبح وطني يحمل على الأكتاف كجثة هامدة لا روح فيها غير فسحة من الأمل ربما تشرق ذات يوم لتصنع لنا حياة كريمة وعيشاً رغيداً وأمناً وأماناً.

عندما تمتطي صهوة حصان أجرب، وتمتشق سيفاً من حطب، وتركب أمواج البحر بلا هدف، حينها يولد لك وطن محمول على الأكتاف، كنا نغني ونشدو كالبلابل، واليوم نذرف الدمعات كالمطر المنهمر، كانت أحلامنا تعانق عنان السماء، واليوم لم نجد خبز الرغيف والماء.
دعني أحكي لك قصتي ودموعي ممزوجة بالوجع والألم، أنا الشعب الذي لا يقهر؛ أصبح اليوم جثة هامدة وصنم، من بني جلدتي جرّد سيفي وقتل حصاني الأدهم، كان عتبي على الغريب الذي لا يرحم، وإذا الصاحب أشد فتكاً وتمادى وظلم، سرق رغيفي تحت سمعي والبصر، نادى بالحرية وأشهد كل من حضر، ثم لاذ في ركن بيته وتمثل بقارون واختفى الخبر، صرخت بصوت الغافلين والجوع قد تمادى واستعر، وتنامى الجراد من حولنا، يسجد للطاغي بكل إعزاز وفخر.

لم يبقَ إلا صورة وطني خيالٌ ووهمٌ كالروح تسكن قلب جماد، حاولت بث الروح فيه؛ ولكن أصل الخراب من الفساد، عجباً لوطنٍ يلدُ كل يوم صنما، همه نفسه ويرى كل من حوله عبيداً وخدما، يا وطني أشكو إليك ضعف حيلتي وقوتي، وأنت على العكاز تترنح؛ ذلك هو سر ضعفي ومصيبتي.
ماتت تلك الأحلام والأماني يا وطني؛ التي كانت تغني باسمك كل صباح ومساء، ولم يبقَ إلا صورة اللحم والعظم، وصرخات الدعاء، كل يوم تلهج باسمك لتعلو فوق السحاب، بحت حناجرها، ماتت أحلامنا في لمح البصر؛ لأن الأمل إذا كبر صغُر، وأصبح أحاديث السمار كالريحِ بعد المطر، هذه هي قصتي أحكيها على لسان كل البشر، لست أحكي لنفسي؛ بل هذا لسان كل من ذاق الويل؛ من وطنٍ على فراش الموت يحتضر.

ولكن سيظل الأمل شمعة خافتة في صدري، ترسم لوحة لفجر جديد، فوطني يحتاج لمواطن نزيه محب صادق لبيث الروح فيه، وبدونه سيظل على فراش الموت ينتظر أجلهِ المحتوم وسيظل الشعب في شغب وذل وقهر ما بقي الليل والنهار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى