صراع من أجل العيش

> أسر تعيش في عشش خشبية وأخرى بمنازل غير مؤهلة

> الحاجة زهرة: أعمل منذ ربع قرن في تنظيف إحدى المدارس ولم أُثبّت
تحتوي مديرية صيرة بالعاصمة عدن على العديد من الأحياء الشعبية البسيطة يسكنها مواطنون في ظل إمكانيات أشبه بالمنعدمة، ينتظرون المعونات بشغف حال وصلت إليهم، كل أحلامهم وطموحاتهم توفير ما يسد رمقهم وأطفالهم.
حياتهم كلها كفاح لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي حرمت كذلك أبناءهم من الذهاب إلى المدارس.
أحمد  محمد حسين بمعية أطفاله في عُشتهم
أحمد محمد حسين بمعية أطفاله في عُشتهم

كفاح
"حياتي تعب" بهاتين الكلمتين اختصرت الحاجة زهرة معاناتها اليومية في سبيل البحث عن لقمة العيش لأسرتها.
زهرة محمد (ستينية العمر) هي المعيل الوحيد لأسرتها المكونة من ابنتيها المطلقتين بمعية اطفالهما السبعة، وابن في العشرينات من عمره.
منزل الحجة زهرة
منزل الحجة زهرة

تبدأ رحلة كفاحها منذ أن تصحى في السابعة صباحاً بتنظيف مدرسة شمسان في مديرية صيرة بمبلغ لا يتجاوز 10 آلاف ريال شهرياً، ومن ثم تتم يومها حتى المساء بالبحث عن قوت لأسرتها مما تبقى من الوجبات بالمطاعم أو بطلب المساعدة من المصلين أمام المساجد.
وتشير الحاجة زهرة لـ "الأيام" إلى أنها تعمل في تنظيف المدرسة منذ 25 عاما، وحتى الآن لم يتم تثبيتها، وأن المبلغ التي تتحصل عليه نهاية كل شهر هو من إيرادات المقصف.

الطبخ بالحطب
وتضيف: "تابعت أكثر من مرة من أجل تثبيتي ورفع راتبي وإعطائي مستحقاتي، وقد سلمت ملفي لمكتب التربية والتعليم في المديرية ولكن دون أي جدوى، والسبب أنه ليس لدي ظهر (وساطة)، وكل اعتمادنا في هذه الحياة على معاش زوجي المقدر بعشرين ألف ريال، بالإضافة إلى العشرة الآلاف التي تعطى لي من المدرسة، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتوفير جزء من متطلبات المعيشية الأساسية، الأمر الذي يدفع بابنتي للخروج للعمل في تنظيف بعض المنازل القريبة وفي حال تأزمت حالتنا تذهب مضطرة إلى المساجد لسؤال الناس، وجرت العادة أن نتناول وجبة الإفطار من خلال ما أتحصل عليه من معلمات المدرسة التي أعمل فيها، وهي إما روتي وجام أو روتي وفاصوليا، وبالنسبة لوجبتي الغداء والعشاء فإنني أحاول توفيرهما من بقايا المطاعم ووجبات الزبائن، وكثيرا ما تمر علينا أيام لا نتناول فيها إلا وجبة واحدة فقط، والمؤسف أننا محرومون حتى من المعونات الغذائية سوى في شهر رمضان".
غرفة منزل الحجة زهرة
غرفة منزل الحجة زهرة

وتتابع بالقول: "في الوقت الذي يشكو الناس فيه من طفح المجاري في أحيائهم والشوارع نعاني منه بداخل منازلنا نتيجة انسداد فتحة مجرى المطبخ، وهو ما عرضنا وأطفالنا للإصابة بالعديد من الأمراض المنقولة عبر البعوض والذباب المنتشرة بكثرة بسبب هذا الطفح، والذي حرمنا كذلك من الطبخ فيه بالحطب في حال توفر لدينا الدقيق أو الأرز لتعطل الشولة".

قلة حيلة
وبنبرة تملؤها قلة الحيلة تقول: "مؤخراً ذهبت بابنتي إلى قسم الولادة بمستشفى الصداقة في مديرية الشيخ عثمان، لكونها على وشك الولادة، وحتى الآن لم نتمكن من إكمال مبلغ العملية القيصرية والمقدر بـ13 ألف ريال".
وتسكن الحاجة زهرة في منزل مخرب يتكون من غرفتين إحداهما مخصصة لها بمعية عشرة أفراد، والأخرى لابنها وزوجته وأولاده، وتأمل أن تجد من يعينها على إعادة تأهيل منزلها، وأن تزور بيت الله الحرام لتأدية العمرة.
عُشة أحمد محمد حسين من الخارج
عُشة أحمد محمد حسين من الخارج

السكن في عشة
المواطن أحمد محمد حسين (ثلاثيني العمر) هو الآخر ناله نصيب وافر من المعاناة، لاسيما في مجال السكن.

وقال بينما كان يشير إلى حيث يسكن: "كما ترون هذه العُشة تحتوي على غرفة واحدة فقط سقفها يتكون من حجارة وزنج، وجدرانها من الخشب المرقع وبعض من الأقمشة المتآكلة والتالفة.. أعيش فيها بمعية أسرتي المكونة من زوجتي وخمسة من الأولاد تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وثمانية أعوام، وقد حالت الظروف المادية الصعبة من أعالتهم كما يجب على الرغم من أنني أبذل قصارى جهدي في ذلك، وكثيراً ما بحثت عن عمل لتحسين معيشتنا ولكن لم أجد، وكثيراً من الأحيان أقوم بالبحث عن علب الشراب الحديدية لبيعهم، وفي حال عدم حصولي على شيء فإنني أغلق بابي وأصبر وأوكل أمري إلى لله".
‏‏طفح المجاري في منزل الحجة زهرة
‏‏طفح المجاري في منزل الحجة زهرة

ويضيف لـ "الأيام" سرد معاناته قائلاً: "الظروف المعيشية صعبة والهموم سببت لي حالة نفسية من سابق، وحالياً تصرف لي أدوية من مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بشكل شهري، بفضلها تعافيت بخلاف ما كنت عليه في السابق".

سقوط السقف
وأوضح حسين أنه تعرض قبل شهر ونصف لسقوط سقف الغرفة عليه وعلى أفراد أسرته فجراً، مؤكداً بأنه لولا لطف الله ثم إنقاذهم من قبل الجيران لكانوا في عداد الموتى، لافتاً إلى أنه يعيش في الوقت الحالي في الحر نتيجة لتوقف مروحة السقف عن العمل.
الحمام الخاص بمنزل الحجة زهرة
الحمام الخاص بمنزل الحجة زهرة

وتابع بالقول: "العُشة تخلو من الحمام والمطبخ، ودائماً ما نستخدم الحمام الخاص بمنزل والدي القريب منا، أما الطباخة فكانت زوجتي تطبخ بالحطب الذي أقوم بتجميعه من الشارع، ولكن نتيجة لشكوى الأهالي من الأدخنة تركنا الطباخة بها، وحالياً آتي بالطعام متى ما يسر الله لنا، وهناك قلة من أهل الخير من يرحم أطفالي ويمدهم ببعض الأكلات"، متمنيا أن يجد عملا (أي عمل)، ليتمكن من خلاله توفير لقمة العيش لأطفاله.
تقرير/ وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى