كفى مهادنة

> نُهى البدوي

> التفاؤل الكبير الذي تبديه نظرات الناس، كردة فعل على توقيع «اتفاق الرياض» كإشارة منهم للقبول ببنوده ورضاهم عن النتائج المرجو تحقيقها منه، في حال تنفيذها كما ينبغي، بل إنها رسالة يقرأها من لا يجيد الكتابة والقراءة، عليه فقط النظر إلى عيون المواطنين الأكثر فقراً، ومحاكاتها ليرى الأمل الذي يشع منها عند الحديث معهم حول «اتفاق الرياض»، سيجد أنها تنطق وتقول: «كفى» الكل يقول نريد الخلاص من الوضع الحالي، بعد أن وصل الحال بهم إلى مستوى لا يحتمل بسبب استمرار الحرب، وهذا يكفي لنشعر بالتفاؤل للقادم، وبإمكانية أن نجعل من الاتفاق نجاحا يكسر الجمود الحاصل في عملية السلام، ونرسم به نقطة مضيئة على طريق السلام لتشجيع بقية الأطراف للتعاطي الجدي والمسؤول مع جهود السلام ليطوي الجميع مرحلة الحرب، والبدء بتضميد الجراح وإعادة بناء ما دمرته الحرب.

أي اتفاق سياسي تتضمن بنوده خطوات عملية للانتقال من وضع الفوضى إلى الاستقرار بالاعتماد على تغيير وتحسين أداء الإدارة السياسية والاقتصادية، التنفيذية والرقابية، وتخليص الإدارة من سطوة قبضة المتنفذين أحزابا أو عصاباتً أو جماعات النهب والتطرف، كما هو الحال الذي نراه في بنود اتفاق الرياض، بالفعل يتوقع أن يحدث تنفيذه تغييرا إلى الأفضل، لكن مع هذه التوقعات الإيجابية هناك أيضا توقعات تنذر بالخطر، تتطلب من الجميع التنبه، واتخاذ إجراءات فاعلة، وصارمة للحيطة والحذر، لأن تنفيذه سيؤدي إلى خسارة المستفيدين من استمرار وضع الفوضى في الإدارة السياسية والاقتصادية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأقصد هنا عصابات الفساد والنهب والفوضى وجماعات التطرف.

علينا التوقع ما هو أسوأ وبالذات من عصابات الفساد والجماعات المتطرفة التي سيجعلها تنفيذ اتفاق الرياض في كفة الخاسر الأكبر، وهذا يتطلب التصدي لها بقوة وحزم، وعدم تكرار أسلوب المهادنة معها، كما حدث سابقا عندما كشرت أنيابها بسبب خسارتها من عمليات الانتقال والمحاولات السابقة لتحرير الإدارة السياسية من قبضتها وتم التعامل معها بالمهادنة، وهذا كان خطاء فادحا وكبيرا من الحكومات السابقة.

عدم الاكتراث لنظرات عيون الفقراء التي تنطق وتقول: "كفى فسادا، فوضى، تطرفا، كفى مهادنة"، وهم يأملون في تنفيذ اتفاق الرياض إحداث التغيير المأمول أو تكرار الجهات المسؤولة التعامل بسلوك المهادنة مع عصابات الفساد والفوضى، فإن ذلك لن يلبي تطلعات المواطن والأشقاء وسيفقد الاتفاق بريقه ومضمون بنوده، بل سيتحول إلى سلاح بيد أعداء الوطن، وأولهم الجماعات المتطرفة والإرهابية، لضرب أحلامنا وإحباطنا وبذلك ستكسب الرهان على إجهاض تنفيذه وكما تنطق نظرات عيون أولئك الفقراء وتقول كفى فإن أقلامنا تنطق معها وتقول: «كفى مهادنة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى