الأمن في عدن هراء يتعذر تفسيره!

> قد وقع على عدن تدمير كبير خلال اجتياح المليشيات الحوثية واحتلالها لغالبية مناطق محافظة عدن، فمعظم فنادقها دمرت أجزاء كبيرة منها، وكثير من مبانيها الحديثة تهدمت، وبعض المباني التاريخية أيضاً مسّها بعض الضرر، ولكن الأدهى والأقسى هو استمرارية ذلك التدمير لعدن بعد تحريرها وإلى يومنا هذا، فالخراب والتشويه ملازم لها، ولا يمكن له أن يفارقها، وإن اختلفت أوجهه، ولكن ما حدث ويحدث بعد التحرير خطورته أعمق، فتدمير اليوم شمل جوانب مختلفة، وتعددت صوره القبيحة، فقد مس القيم الناصعة والتاريخية والتراثية لعدن، ليس هذا فحسب، بل أثر على جيل الشباب من أبناء عدن وعمد على تغيير الأفكار والأخلاق السليمة لضعاف النفوس، لتحل محلها أفكار خاطئة تتنافى مع القيم الأخلاقية والدينية، والتي دفعت بعضاً من الشباب إلى مسرح الجريمة، وارتكاب جرائم بشعة كان آخرها جريمة قتل بشعة تعرض لها الشاب جلال خالد من قبل شباب صغار السن، تحت تأثير الحبوب المخدرة، والتي وجدت عدن سوقاً رائجاً لها في الأونة الأخيرة.

لقد استقطبت الأجهزة الأمنية أعداداً كبيرةً من شباب عدن والمحافظات الجنوبية في تشكيلاتها العسكرية المختلفة، وفاقت تلك القوات الأمنية ما كانت عليه القوى الأمنية قبل الحرب بأضعاف مضاعفة، ومع ذلك لم تقم بدورها المطلوب في حفظ الأمن وتثبيت الاستقرار في عدن، فلا زالت الاضطرابات الأمنية سائدة والمظاهر المسلحة حاضرة في جميع الأسواق والشوارع، وإطلاق الأعيرة النارية تمثل السمة الرئيسة التي تميز سماء عدن، فقد قصرت الأجهزة الأمنية بواجباتها ولم تقم بالحماية الكافية لعقارات الدولة، وصون المواقع الأثرية والتاريخية من عبث العابثين، ومنع البسط على أراضي الدولة وبعض الأراضي الخاصة، ذلك البسط والبناء العشوائي، الذي جرى ويجري على قدم وساق في جميع مناطق محافظة عدن والذي تسبب بنشوب بعض المواجهات المسلحة وخلف بعض الضحايا، وشوه التخطيط الحضري للمدن والأحياء السكنية وخدش القيمة الجمالية لمدينة عدن، فاستبدل إنشاء شوارع وطرقات واسعة ومنتظمة، بإنشاء أزقة ضيقة كثيرة المنعطفات!.

كما أن التراخي الأمني شجع ضعاف النفوس على التطاول الوقح على معالم عدن الأثرية والتاريخية ومحاولة طمسها وتشويهها، إما بالبناء في محيطها وداخل حرمها، أو بالبسط عليها وتحويلها إلى ملكية خاصة، حتى بلغ الأمر أقصى ما يمكن أن يتصوره العقل حين استولى البعض على أشهر متاحف عدن، المتحف الحربي في كريتر. يا له من تصرف قبيح ومقزز ويثير السخط من جرأة التفكير المريض الذي وصل إليه البعض، وتجاوز الحدّ الذي لا يطاق تخيله!.

ومما لا شك فيه أن وجود فراغ أمني، بل هو شرخ أمني عميق أفرزه الانقسام الحاصل بين تلك القوى الأمنية والذي أنتج ازدواجية في أداء المهام، وعدم تنسيق فيما بينها، بل خلق أيضاً تعارضاً ومشاحنات بين القوى الأمنية المتعددة الاتجاهات والألوان.

لذا من الضروري دمج تلك القوى لتنضوي جميعها تحت قيادة واحدة، من أجل تعزيز دورها وتساعد في القضاء على الاختلالات الأمنية، وتمنع زعزعة الاستقرار، وهذا الأمر جاء ضمن اتفاق الرياض، والذي مازالت بنوده مهددة بأعراض انتكاسة قد تقيد حركتها وتأجل من انطلاقتها السريعة على الأرض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى