الجهل والفساد يدمران اليمن وليست الأعياد

> هذا العام سيكون عام الابتكارات الجديدة المذهلة، وأهمها في قطاع التكنولوجيا والاتصالات ونمو الإنترنت، لأن الرغبة في الاتصال والتواصل بالإنترنت مع الأهل والأقارب والأصدقاء ومن أجل الحصول على المعلومة وتطوير الذات تسير بوتيرة سريعة جدا، وتقود الابتكارات العالمية إلى الأمام حقاً، وستدخل معظم الشركات العالمية في تنافس قوي وكبير، وعلى رأسها شركة (SPACE X) خدمة (Starlink)، ومديرها التنفيذي إيلون موسك، الذي يسعى إلى توصيل شبكة إنترنت فضائية فائقة السرعة لكل منزل ومكان حول العالم، وتأمل الشركة أن تتمكن خدمة (Starlink)، من توفير إمكانية الوصول إلى الإنترنت المجاني لشريحة كبيرة من سكان العالم، الذين يعيشون في مناطق بدون بنية تحتية لاسلكية، أو غير راضين عن مزوديهم الحاليين، وسيتم إطلاق النشاط التجاري المجاني للنت أولاً في الولايات المتحدة، وكندا، وستسعى بعد ذلك الشركة للوصول إلى تغطية نت عالمية مجانية بحلول نهاية عام 2020م.

هذه الإنجازات وغيرها كثير، تحدث من حولنا كل يوم، والغالبية منا في اليمن يجهلها، بسبب الأزمات والصراعات الداخلية في البلاد وزيادة نسبة الأمية والتخلف والتعمد في حصر الثقافة والوعي في أشياء لا تمت للواقع والتطور بأي صلة، ومنها ما يحدث في اليمن من إلهاء للناس في اللعب على أوتار الخدمات العامة والتناقضات المجتمعية والسياسية والطائفية وإدخال البلاد في حروب تزيد من مساحة الفقر والانقسام والفساد، للأسف يشاركهم في ذلك الإلهاء بعض من أئمة المساجد عبر استغلال منابر بيوت الله في حشو العقول باللامعقول وإهمال الكثير من القضايا التربوية والأخلاقية والإنسانية والمجتمعية، مثال على ذلك تكريس خُطب الجمعة الكثيرة في مشاكل لا تلامس واقعنا المرير، وآخرها خُطبة ما قبل نهاية العام للحديث عن حرمة الاحتفال برأس السنة وتبادل التهاني.

هل من وجهة نظر هؤلاء القلة من الخطباء، أن مشاكل البلاد والعباد قد خلصت وبقي الحديث عن رأس السنة؟ أم أن الخطبة عن وقف الحرب الداخلية والمجاعة ومكافحة الأمراض حرام؟ أو الحديث عن محاربة الفساد وصرف رواتب الموظفين المتوقفة ودفع فواتير استهلاك الكهرباء والماء حرام؟ أم أن رمي القمامة في أماكنها المحددة وعدم دفع الرشوة، وشراء الشمة والقات وتعاطي المخدرات حرام؟ أين هم من البلطجة والفوضى وقوانين الغاب في المجتمع؟ أين هم من قضايا الفساد والرشوة وعدم احترام القانون؟ أين هم من التطور السريع للعالم من حولنا؟ لا أحد يدرك لماذا ما أن ينتهي العام إلا ويتقافز بعض الأئمة إلى المنابر؛ لتحذير الناس من الاحتفال برأس السنة، وكأنهم استوفوا الحديث عن هموم الناس والمجتمع ولم يتبق غير رأس السنة.

مع أن 31 ديسمبر، من كل عام ليس مناسبة دينية إسلامية والجميع يعرف ذلك، وإنما هو يوم من أيام الله العادية تكتمل فيه الدورة الكاملة للأرض حول الشمس، كما أن الاحتفال برأس السنة ليس مرتبطاً بالثقافة الغربية ولا الديانة المسيحية؛ بل هو جزء من ثقافة مادية عابرة للجغرافيا، للكسب من عملية الفصل بين الماضي والمستقبل.

القرآن الكريم لا يقول شيئًا عن عطلة رأس السنة، وهذا دليل واضح لكل مسلم بأنه ليس له علاقة بعيد رأس السنة، وهذا اليوم ليس إجازته، والمسلم يدرك قيمة ومصدر وجوهر العُطل الرسمية والإسلامية وتاريخها، ولا داع لتذكيره، وتحريضه على حرمة الاحتفال بأعياد الآخرين، أياً كان شكلها، كما أن الأئمة يجب ألا ينسوا واجباتهم الإنسانية والدينية الحقيقية، واعتماد القيم الأخلاقية الإسلامية الصحيحة والسمحة في خطبهم، وأن يركزوا على مشاكل الناس والدعوة للسلم والعلم واحترام الآخرين، وأن يبتعدوا عن شحن الصغار والكبار بقدر من الكراهية المغلوطة للمحيط الاجتماعي المختلف، الذي ينتج عنه إخلال كبير في العلاقات الإنسانية والاجتماعية وبالتوازن النفسي والذهني للفرد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى