كل شيء تمام يا فندم!

> جاء في رواية الأعرابي الفصيح، وسليمان بن عبدالملك، أن أمير المؤمنين (سليمان بن عبدالملك)، كان له وزراء، قد عاثوا في الأرض فساداً، وكان سليمان بن عبدالملك رجلا مهابا، فلا يجرؤ أحد أن يكلمه بذلك، إلى أن بلغت معاناة الرعية حداً لا يُطاق، فذهب إلى سليمان رجل يقال له الأعرابي الفصيح، فطلب مقابلته، فأذن له بالدخول إليه، فسلم عليه وجلس أمامه، ثم قال يا أمير المؤمنين إن لك وزراء قد باعوا دينهم بدنياهم يخافونك في الله ولا يخافون الله فيك، فلا تشترِ دنياك بدينك، وحياتك بالآخرة فقال له سليمان: أما أنت فقد قلت، ولكنك قد جردت لسانك فهو سيفك، قال نعم يا أمير المؤمنين فهو لك لا عليك، قيل: ثم قام سليمان بن عبدالملك فأقال كافة وزرائه والبطانة التي من حوله واستبدل مكانهم آخرين.

وهذا ما يؤكد لنا بأن البطانة هي من يملك التأثير على الحاكم ويستجيب لها بحكم قربها المكاني من الحاكم، فهي الجليس الدائم للحاكم، وهي من يعتمد عليها الحاكم في نقل المعلومات عن أدائه، وعن رضاء الناس عنه، أو عدم ذلك، فإن كانت البطانة صالحة فهي من ينقل له الصورة كما هي سلباً أو إيجاباً، ليبني عليها، فإن أصاب ذلك الحاكم أيدته وباركت له، وإن أخطأ نبهته ونصحته وقدمت له الرأي السديد والصائب، وإن كانت بطانة سوء للحاكم فهي تقدم له صورة تجميلية، عكس الواقع المعاش كل شيء تمام يا فندم، إذا أخطأ لا تناصحه، ولا تدله لفعل الخير، وذلك كلما الخطأ يزداد والمعاناة تتفاقم والأخطار تحدق في البلاد والعباد، وبات الحاكم يعتمد على ما ترفعه إليه تلك البطانة في تقاريرها اليومية والشهرية، وهي كل شيء تمام يا فندم!، كما هو حال حكامنا اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى