هل اتفاق الرياض وجه شبيه لاتفاق السويد؟

> خمس سنوات ونار الحرب تصهر الشعب بدرجات حرارتها المتفاوتة، وعندما انخفضت درجة حرارة المحافظات الجنوبية، اتقدت فيها نار خلافات داخلية، وكان أبرزها تلك التي بدأت نارها خافتة بعد أن أشعل وهجها الخلاف السياسي والتشابك والازدواجية التي أدت إلى تضارب في بعض المهام والواجبات بين سلطة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقد اشتد لهيب ذلك الخلاف، وتحول إلى صراع دامٍ وقع بينهما في شهر أغسطس من العام الماضي، عقب مقتل القائد في الحزام الأمني، الشهيد منير اليافعي أبو اليمامة، وقد مثّل ذلك الصراع الدموي العنيف، تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في عموم البلاد وأثار موجة خوف كبير بين أبناء المحافظات الجنوبية، ولا تزال نار جذوة ذلك الخلاف مستعرة تحت الرماد، وبين الفينة والفينة تنطلق أجزاء بسيطة من شررها فتتناثر على بعض المناطق في محافظتي شبوة وأبين، وذلك يعني أن طرفي الصراع ضربا بصلح اتفاق الرياض عرض الحائط.

لقد جاء اتفاق الرياض من المبادرة السعودية التي سعت لإخماد فتيل نار الصراع بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، حين ألزمتهم بالجلوس على طاولة الحوار في مدينة جدة وصياغة بنود اتفاق يساعد على نقاء الأجواء وتهدية الخواطر بينهما، ويرسي برنامج عمل ثابت ومزمن يتم من خلاله تصحيح الأوضاع المتعثرة وتوحيد الجهود ودمج التشكيلات الأمنية والعسكرية وتسخير جميع الإمكانات والجهود وتوجيهها في اتجاه واحد، وهو تحرير البلاد من المليشيات الحوثية وإنهاء الحرب، وبعدها يتم إجراء حوار شامل لحل جميع القضايا والمشاكل العالقة، وقد أكمل الطرفان صياغة بنود ذلك الاتفاق، وتم التوقيع على وثيقته في الخامس من نوفمبر 2019م، تحت رعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في العاصمة السعودية الرياض، وقد استبشر الناس خيراً باتفاق الرياض وعقدت الآمال على النهوض بالأوضاع المتعثرة وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في عدن وبقية المحافظات الجنوبية.

ولكن ولسوء الحظ، فقد كان حال اتفاق الرياض شبيه بحال اتفاق ستوكهولم الذي ظلت بنوده حبيسة في وثيقة الاتفاق ولم تنفذ على أرض الواقع، وذلك بعد توقيع طرفا الصراع عليها تحت رعاية الأمم المتحدة وبحضور أمينها العام، أنطونيو جوتيريس، وبينما بنود ذلك الاتفاق تحث على وقف القتال بين السلطة الشرعية والمليشيات الحوثية حول الحديدة وانسحاب المليشيات عن الحديدة ومن موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وتسليم إدارة تلك الموانئ لقوى محلية، لم ينفذ من ذلك شيئاً يذكر، وإنما استغلت المليشيات الحوثية موقف الصلح الأممي، واستثمرت تلك الهدنة لتعزز سيطرتها، و تعبث تحت ستاره، وترسم واقعاً يخدم مصالحها، وقد حققت أيضاً أحد الأهداف التي صبت في مصلحة الأمم المتحدة وهو تأمين ممر آمن لاستمرار تدفق المعونات الإنسانية.

لذا ينبغي على قيادة دول التحالف إعادة النظر في اتفاق الرياض، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية، الراعية لذلك الاتفاق، يقع عليها تصحيح مساره وتفعيل بنوده خلال وقت قصير، أو الإعلان عن إجراء تعديل في وثيقته، والقيام بتسوية جديدة للخلافات بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي حتى يتمكنا من ردم هوة الخلافات، ومن ثم الانطلاق لإيجاد مناخ آمن يساعد على تثبيت الأمن والاستقرار في جميع المحافظات الجنوبية، ويبعد عن أرضها الطيبة شبح الحرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى