عدن .. البناء العشوائي يدمر أوجه عديدة

>
خلال هذه الحرب أمتلأت الأجواء في محافظة عدن بقضايا البناء العشوائي والبسط على أراضي الدولة وبعض الأراضي الخاصة، وإن كانت في حقيقة الأمر قد تفشت تلك الظواهر السلبية قبل الحرب وبزمن طويل، ولكن ارتفعت وتيرتها مع ثورة2011م، وساعد في استمرارها تجاهل السلطة لخطورتها وعدم اتخاذها موقفاً صارماً إزاء تجاوزاتها، وخلال هذه الحرب العبثية تفاقمت حدة تلك الأعمال، وبشكل مزعج، وتسببت بعضها في إحداث نزاعات، تحولت إلى صدامات مسلحة، أدت إلى سقوط بعض القتلى والجرحى، وقد شارك في هذه الأعمال بعض المتنفذين وكذلك بعض العسكريين الذين يقع عليهم واجب حماية الممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على النظام والقانون، وأيضاً شارك بعض الشباب قاصري الوعي، وجميع هؤلاء يعتقدون بأن البسط على الأراضي والبناء غير الرسمي فرصة سانحة في ظل ضعف السلطة، وعليهم اغتنامها في مهلتها المحددة بزمن الحرب والفوضى، وقد رسخ هذا المفهوم صمت السلطة وتغاضيها عما يقترفه هؤلاء الخارجون عن القانون، فذلك التساهل ساعد على تفشي هذا البلاء ليصبح كالسرطان وينتشر في كافة أنحاء وزوايا المحافظة، وقد أتى على الأخضر واليابس، حيث إن البسط والبناء العشوائي لم يقتصر على الأراضي الخالية، بل نزل على شواطئ عدن ليحجب رؤية الساحل والبحر، واتجه أيضاً لتغطية وحشو الفراغات بين العمارات في شوارع عامة وأحياء سكنية فخنقهما، وسد وأغلق بعض الطرقات والمتنفسات وحرم القاطنين من فوائدها، فكل ذلك عمل على تشويه المنظر العام للأحياء السكنية والشوارع العامة، كما تجاوزت أعمال البسط والبناء العشوائي حدودها حين طوقت مواقع أثرية، وأمتدت أقدامها لتحتل معالم تاريخية ولم تترك المقابر أيضا!.

كما صعد البناء العشوائي وركب على سلسلة جبال عدن الشامخة والمطلة على المدينة والبحر والتي تمثل لوحة خلفية جميلة متوافقه بتناسقها الجذاب مع جمال شوارع كريتر والمعلا والتواهي تلك المناطق التي تعتبر عمقاً لمدينة عدن والتي أبهرت كثيراً من شعوب العالم في خمسينات وستينات القرن الماضي، بجمال وارتفاع مباني شوارعها القائمة على تصميم هندسي دقيق ورائع والتي تمتد على جوانبها طرقات مسفلتة ذات نسق واسع وامتداد منتظم شاسع، وقد عكس كل ذلك ولعقود عديدة مدى جمال شوارع مدينة عدن وازدهار مناطقها آنذاك.

فعلى الرغم من المحن والخطوب التي مرت بها عدن والظروف المعاكسة والقاسية التي تواجه أبناءها، لم يقبل الأوفياء منهم ذلك الوضع المقرف، فالبعض كتم غيظه في صدره وصمت وهو حزين، والبعض الآخر لم يستطع استقبال الهزيمة واحتمال التدمير ونهب أراضيها والتطاول على معالمها، وتشويه لوحتها الجميلة، فانتفض وخرج للتعبير عن شجبه واستنكاره لتلك الأعمال القبيحة وفي مناسبات عديدة، كان آخرها، الوقفة الاحتجاجية لأبناء عدن في طريق عقبة عدن، حيث نددت تلك الحشود بالبناء العشوائي الزاحف على سلسلة جبال شمسان وعلى مختلف مناطق عدن، صباح يوم الخميس الماضي.

لقد الحقت أعمال البسط على الأراضي والبناء العشوائي أشد الضرر بمستقبل محافظة عدن، وهددت ميناءها الإستراتيجي والذي يعتبر عصب اقتصادي هام للبلاد، فالعبث بأراضي المنطقة الحرة والبناء العشوائي فيها، ومحاولة بعض المتنفذين الاستيلاء على جزرها البحرية، فذلك أمر لا ينبغي على السلطة السكوت عنه بل يتطلب رداً رادعاً وسريعاً.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى