> كراكاس «الأيام» اندريا توستا :
يلاقي العسكريون صعوبة في فرض احترام تدابير العزل في بيتاري كبرى مدن الصفيح في فنزويلا، وتقول غلاديس شأنها شأن العديد ممن يقيمون فيها إن خروجها من المنزل مسألة بقاء "لأننا نحارب الجوع".
تقول إنها مضطرة لخرق تدابير العزل التي فرضها الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو قبل شهر لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد. وتضيف "في حال لم أتوف بسبب الوباء سأموت من الجوع".
وعادة تعج بيتاري بالباعة الجوالين الذين على غرار غلاديس "يحاربون" لتأمين لقمة عيشهم.
وتقول فتاة بغضب فيما تقف في طابور لشراء اللحوم عند العاشرة "ألا يحق لنا شراء ما نأكله؟".
وفاجأ "العزل الجماعي" الجميع في بيتاري. وتقول نورا دي سانتانا (54 عاما) التي تعمل في تقليم الأظافر وتوقفت عن العمل منذ شهر "لم نكن نعتقد أبدا أن الأمور ستصل إلى هذا الحد".
ويخاطب حارس زبائن يتجمعون أمام متجر جوني سولانو "حافظوا على مسافة!".
ويقول "لا نعمل لنصبح أثرياء فقط لإعالة أسرنا".
ويضيف "أقله أثناء العزل ليس هناك جنح".
وبيتاري من الأحياء الأكثر عنفا في إحدى الدول الأكثر عنفا.
أ.ف.ب
سئمت غلاديس رانجيل من لعبة القط والفأر مع قوات ألامن التي تلاحق المخالفين. تخلع قناعها الواقي "اليدوي الصنع" وتجلس في الشارع لتعد المبلغ البسيط الذي جمعته. قلة هم اولئك الذين يشترون أكياس الثوم والليمون التي تبيعها مقابل مبلغ زهيد للغاية.
وغلاديس (57 عاما) واحدة من سكان بيتاري ال400 ألف الواقعة على سفح تلة شرق كراكاس. وتضم المنطقة مساكن بسيطة من الصفيح يتم مدها بين حين وآخر بالمياه والغاز وترفع فيها النفايات بشكل غير منتظم.
لكن مع تفشي وباء كوفيد-19 بات للحركة حدود ويسمح بالقيام بالأنشطة لأربع ساعات في اليوم ثم يفرض الإغلاق، فعند الساعة 10,00 تصل قوات الشرطة والجيش للتحقق من أن الجميع في منازلهم.
بالنصف دولار الذي جمعته اليوم ستتمكن غلاديس من شراء المورتاديلا والموز لتتناولها مع حفيدها البالغ التاسعة من العمر. وتقول"هكذا اطعمه واطعم نفسي وغدا أعود مجددا للعمل".
وظهرا تواصل غلاديس مع بائعين آخرين إقناع الزبائن في الشارع بشراء سلعها، رغم العزل.
"حافظوا على مسافة"
توقيت تفشي وباء كوفيد-19 في فنزويلا سيء للغاية، فاقتصادها تضرر كثيرا خلال السنوات الست الاخيرة من الركود وبات التضخم الكبير مشهدا يوميا والنقص في الأدوية والبنزين منتظما.وفي محاولة لوقف تفشي الفيروس الذي أصاب 181 شخصا وتسبب بتسع وفيات، علقت الحكومة النشاط في البلاد باستثناء القطاعات الأساسية كالصحة والتغذية.
وللإستفادة من الساعات الأربع اليومية التي يمكن فيها استئناف الأنشطة، يتهافت السكان صباحا إلى المتاجر مرتدين اقنعة أو حتى أحيانا مناديل للوقاية.
وعندما تسمع صفارة إنذار سيارة الشرطة للتنبيه بأن التحرك صار ممنوعا يحاول جوني بيع الطماطم المتبقية في متجره.
ويقول كريستيان تورني (28 عاما) "التغيير كبير". وباتت بيتاري اليوم أكثر هدوءا وتراجعت فيها نسبة الإجرام والاتجار بالمخدرات.
وتصنف فنزويلا من الدول الأكثر عنفا في العالم بين الإفلات من العقاب وحيازة أسلحة بسهولة.
ويتابع تورني "لا أعلم ما هو أسوأ. تراجعت الجنح لكن فيروس كورونا تفشى. لم يعد هناك بائعون وليس هناك ما نشتريه لنأكل".