> نصر هرهرة

برغم أننا آخر بلد يظهر فيه حالات إصابة بفيروس كورونا الذي تعاني منه دول العام لأكثر من أربعة أشهر ويفترض أن نكون قد استفدنا من تجارب تلك الدول وخبراتها في معركتها مع هذا الفيروس المستجد، وخصوصا أن الإعلام قد كثف من نشاطه في الترويج للاستعدادات والتجهيزات وأنهم في حالة جهوزية كاملة للمعركة مع هذا الفيروس، لكن وللأسف الشديد فقد فشلوا في إغلاق المنافذ والفحص والحجر فيها حيث كانت المعركة أسهل والنصر فيها شبه مضمون، مقارنة بما بعد دخول الفيروس إلى البلد حيث الوضع الصحي المنهار والظروف الحياتية الصعبة والمعقدة والوعي المتدني والثقافة الصحية المحدودة، وحيث التباعد الجسدي يكاد يكون مستحيلا بحكم العادات والتقاليد وطبيعة الناس، بل وبيئة صالحة لانتشار المرض كالنار في الهشيم وبعد ظهور أول الحالات كما أعلنوا عنها لاحظنا الارتباك والفشل الواضح وكأننا أول بلد يدخلها وليس آخر بلد، فالمريض لا يعرف إلى أين يتجه، والمرافق الصحية الاعتيادية والقائمة لا تعرف كيف تستقبل الحالات وكيف تتعامل معها، والأطباء والمساعدون الطبيون والممرضون والإداريون والحراس لا يعرفون كيف يتعاملون معها بل تركوا مواقعهم هاربين لينجو من هذا الفيروس، وأغلقت المرافق الصحية في وجوه الناس المحتاجين لرعاية الطبية ولا يوجد برتوكول علاجي للمصابين بالفيروس، بل ويكتشف الناس عدم وجود أجهزة فحص، فالناس تموت ولا أحد يعرف من ماذا، صحيح أن الأمراض والأوبئة كثيرة التي تعاني منها البلد كالملاريا والتيفود وحمى الضنك وما يسمى بالمكرفس والكورونا، لكن من المعيب جدا أن قطاع الصحة لا يستطع يشخص نوع الإصابة ويحدد البرتوكول العلاجي لها أنها فعلا كارثة بكل المقاييس.

لقد علمنا أنه سيتم تسليم محجر البريقة الوحيد لمنظمة أطباء بلا حدود، وهذا أمر جيد لأن الجانب المحلي فد فشل قبل أن تصله الحالات حين خرج عماله ليتظاهروا أمام المبنى بسبب عدم توفر وسائل السلامة المهنية، كما علمنا أن منظمة الصحة العالمية ستقدم دعما في هذا الجانب، لكن العملية تحتاج إلى تنظيم وتقدير دقيق للاحتياجات وحسن استغلال الموارد، لأن أرواح كثيرة ستزهق بسبب عدم التنظيم وعدم التقدير الجيد للاحتياجات وحشد الجهود لتحقيقها.

وبغض النظر عن ذلك الإخفاق إلا أننا نؤكد على ضرورة استنهاض الهمم وإعادة التنظيم والتطوير والتحسين وبأسرع ما يمكن، خصوصا في ظل الإدارة الذاتية للجنوب الذي يأمل الناس عليها لانتشال الأوضاع من حالتها المأساوية.​