رمضانيات.. صيام اللسان

> أمين عادل الأميني

> بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
أما بعد: لا يتحقق معنى الصيام الكامل والأجر الكامل إلا عندما يصوم الإنسان بكل جوارحه وقد تكلمنا سابقا عن صيام القلب واليوم سنتكلم عن صيام اللسان ثم صيام الأذن والعين وسنفرد لكل منها مساحة في هذا الشهر الفضيل بشكل متتالي حتى تعم الفائدة وننال الرجوة.

يجب أن يتهذب اللسان في شهر رمضان وغيره إلا أن حاله في رمضان يجب أن يكون متغير نحو الأنفع والاسلم لصاحبه، وقد نبه القرآن الكريم على خطورة اللسان وأنه يورد صاحبه المهالك فبكلمة يصير الرجل مفارقا للإسلام وبنطقه الشهادتين يصير الرجل مسلما وهي كلمة، قال: (مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وهما ملائكة موكلان بتسجيل ما على الإنسان ولكل منا رقيب وعتيد فهي قبيلة كبيرة من الملائكة، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من يضمن لي مابين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة) لذلك لا بد من صوم اللسان في رمضان عن الغيبة والنميمة وأعراض الناس والتدخل في شوؤن الآخرين بلا داع لهذا التدخل،فكثير من الناس يصوم ويؤدي المسلمين بلسانه،يسبهم ويشتهم، فقد ورد عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمعاذ رضي الله عنه (كف عن هذا، وأشار إلى لسانه) فقال معاذ: أو إنا لمؤاخدون بما نتكلم به يارسول الله؟ قال: (ثكلتك أمك يامعاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) وهذا يدل على خطورة اللسان وإطلاق العنان له في المنكرات وأذية المسلمين، وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول للسانه: (يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم) وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأخد بلسانه ويبكي ويقول: (هذا أوردني الموارد) وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه وما أدراك مالصديق، السلف الصاح وزنوا ألفاظهم قبل النطق بها فكانت جل ألفاظهم وفق كتاب ربهم وسنة نبيهم فكان (نطقهم ذكرا، وصمتهم فكرا) قال ابن مسعود رضي الله عنه: (والله مافي الأرض أحق بطول حبس من لسان) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فلنقتدي بكلام رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ليتأدب هذا اللسان في رمضان عن كل شيء قبيح مرذول وليقل خيرا أو ليصمت، نحن لا نريد للصائم أن تختل موازين صومه فليس المقصود بالصيام الجوع والعطش فقط بل الصيام مدرسة كبيرة فيها الكثير من القيم الإنسانية الراقية من الشعور بجوع الفقير إلى تأديب النفس الفانية عاما تلو عام، ثم اعلم رحمك الله أن لسانك طريقك للخير وسبيلك للشر والمنكر فأختر وأحسن الإختيار، واجعل لسانك رطبا بذكر الله تعالى وتعود على هذا فإن للذكر وكثرته حلاوة في القلب لا يعرفها إلا عامر قلب مكثر لمناجاة ربه، وورد في القرآن الكريم ماهو صريح في تاديب اللسان قال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم) أيها المسلم اختر أمر الله وأدب لسانك وقل التي هي أحسن من الكلمة ، وقال تعالى (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) أيها العبد المسلم احفظ لسانك قبل المنية فالمنايا فوق الهامات، وقد أنشد الشافعي شعرا قال فيه:
كم ضاحك والمنايا فوق هامته
لوكان يعلم غيبا مات من كمد
من كان لم يؤت علما في بقاء غد
ماذا تفكره في رزق بعد غد
والحمد لله رب العالمين، أشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله واستودعكم الله التي لا تضيع ودائعه.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى