السقوط المرعب للمغلوب على أمره (الريال)

>
المغلوب على أمره، رغم سقوطه المتوالي منذ عدة سنوات، ولا توجد أي خطط رسمية لوقف استمرار سقوطه، وكأن الأمر لا يعني أحدا، بل نتفاجأ بين الفينة والأخرى عن وصول دفعات جديدة من الطبعات الجديدة، ومن دون تغطية لعملية الطباعة، على الأقل وقف الطبعات، وعدم إنزالها للسوق، مادامت العملية لا تقود إلى دوران طبيعي للعملة الجديدة أو دعمها.

عملية السقوط المرعب للمغلوب على أمره تفضي إلى معنى واحد، هو فشل ذريع لأجهزة السلطة المعنية، التي لا تهتم بغير العيش الرغيد، وتكديس الثروات على حساب السلبية الساذجة للشعب.
لم نسمع صوتا رسمياً يقول شيئا، ولم نسمع إجراء ما يجعل من إيرادات النفط وسيلة لتمويل ودعم العملة، أو حتى لتمويل السوق المحلي من مشتقات النفط الذي يبدو أنه ليس ملكا للشعب أو للسلطة.

قبل أكثر من سنتين ونحن نسمع أن الحكومة ستتدخل لمنع السقوط المرعب للمغلوب على أمره، ولكن تدخلها للأسف يزيد من مرحلة السقوط. قلنا، وطالبنا أكثر من مرة، إنه لابد من خطة واقعية لوقف السقوط حين كان سعر الريال الواحد 480 للدولار الواحد، ولكن لا مجيب ولا مستمع، وتوقعنا مزيدا من السقوط، وها هو اليوم يصل إلى 750 ريالا مقابل دولار واحد، وللأسف الشديد، إننا نتوقع تجاوزه الألف ريال للدولار الواحد، وسنسمع عن وصول دفعة جديدة من الطبعات القادمة التي تزيد الطين بلة، وأي إجراءات جديدة ستكون غير مجدية، ما لم تكن هناك جرعات مالية متتالية بحدود 10 مليار دولار على الأقل؛ لضبط سعر العملة المحلية بحدودها الدنيا (450 ريالا للدولار الواحد). وأما إعادة سعره إلى ما قبل الحرب، فسوف يحتاج إلى تغطية مالية مضاعفة، وضبط بنود الصرف والنفقات التي تجاوزت كل المحظورات المتعارف عليها.

والغريب في الأمر وضع البلد الذي لم يتغير، بل تدهورت أوضاعه من سيئ إلى أسوأ، وتراجعت مسؤوليات الحكومات، حتى في انتظام تسديد رواتب موظفيها، وتركها ضبط أسعار المواد الغذائية والوقود.

الوضع الحالي خطير جداً بالنسبة للمغلوب على أمره، ولا بد من إجراءات ضرورية وصعبة وحادة، لكنها تحتاج إلى قوة الإرادة والصبر لوضع حد لهذا السقوط، وذلك من خلال تشكيل حكومة (15 عضوا فقط) إنقاذ وتكنوقراط مصغرة من وجوه جديدة، تحدد لها مهام معينة، وتوضع أمامها مختلف التساؤلات والتوقعات، وتمنح صلاحيات كثيرة وواسعة، ومدة زمنية (24 شهرا) ومن يخفق من أعضائها يتم إعفاءه أو إقالته، مع عدم تعيين البديل، بل تعيين قائم بالأعمال من الوزراء النشيطين والفاعلين، ويقابل ذلك تخفيض رواتب ومخصصات كل المسؤولين والقيادات بنسبة 40٪- 50٪ تدفع بالريال، ومن يرفض منهم يوقف راتبه ومخصصاته، ويتم تعويضهم عند استقرار سعر الصرف للريال، ويجب تخصيص إيرادات النفط والغاز لحساب دعم الريال، وتحسين أداء البني التحتية للبلد الذي لا يحتاج إلى ودائع بالعملات الأجنبية، بل إلى منح مجانية، شريطة تغيير كامل الشخصيات والرموز التي تشير كل أصابع الاتهام إليها بالفساد والفشل.

إن السقوط المرعب للمغلوب على أمره بهذه الصورة الدرامية، ومن دون رد فعل رسمي وحازم وإجراءات صارمة، يدفع البلد إلى شفير الهاوية أو الإفلاس. وأعتقد أن إعلان الإفلاس قد يقود إلى تدخل دولي لإنقاذ البلد، سواء من جانب التدخل المالي أو الإداري، ومنها أن تعلن الحكومة الجديدة إلغاء ديونها، وعدم تسديد أرباح تلك الديون أو الودائع...
 إن اتباع نفس السياسات والإجراءات الحالية لن يفيد البلد بشيء، بل يزيدها تفاقما وتدهورا.
كاتب وباحث اقتصادي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى