قصتي مع كورونا

> الحمد لله الذي عافاني من بعد مرضي، لأحدثكم عن رحلتي القاسية مع فيروس كورونا، وكيف كتب لي الله النجاة والشفاء بعد خمسة أسابيع عصيبة مكثتها في غرفة منعزلة عن أسرتي.

في البداية انتابتني أعراض إصابتي بحميات في تاريخ 12 مايو 2020م بعد يوم واحد من كتابتي تقريراً نشرته في صحيفة "الأيام" تطرقت فيهِ إلى حال (رمضان في عدن وثوب الكآبة ومخاوف كورونا)، وحال إحساسي بارتفاع حرارة جسمي وشعوري بنزلة البرد، التزمت منزلي.

تناولت الفيتامينات، وأكثرت من احتساء المشروبات الساخنة كالزنجبيل مع الليمون والعسل، وخلطة زيت الزيتون والخل والثوم كوقاية، وبعد فترة ليست بقليلة بدأت حالتي الصحية تسوء، وشعرت بكتمة وضيق في التنفس دون ظهور أية أعراض أخرى مثل السعال أو الحمى، ولكن أدركت بأن الأمر ليس عادياً، وتأكدت من إصابتي بفيروس كورونا في يوم 28 رمضان. حين اشتد الألم هرعت إلى أحد المراكز الطبية بمنطقتي "المنصورة" لإجراء الأشعة المقطعية، وهناك أخذت عينة من دمي للتحليل، وكانت النتيجة تثبت إصابتي بفيروس في الرئة.

تعاملت بعد أن علمت أنني مصاب بالفيروس، بصبر كبير ومزيد من القوة، حاولت إيجاد طرق أخرى للتأكد أكثر إن كنت مصاباً حقاً بكورونا، أو أن الأمر مجرد مرض عارض.

كانت معظم مستشفيات مدينة عدن (الحكومية والخاصة) مغلقة في ذلك الوقت، ولم أجد طبيباً مختصاً لأعرض عليه فحوصاتي، فاضطرت زوجتي إلى الاستعانة بأطباء استشاريين من خارج البلد عن طريق شبكة (التواصل الاجتماعي)، ليطلعوا على فحوصاتي وكان أحدهم استشارياً مقيماً بالسعودية أكد لي من جانبه إصابتي بالفيروس، اعتماداً على مشاهدته للأشعة، وأرشدني إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية عائلتي والمعالجات اللازمة.

ولكن الشعور بضيق التنفس ازداد وكان الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لطبيب مخلص من أبناء عدن هو الطبيب فراس أبوبكر سالم (يقيم في ألمانيا) أعطاني الوصفات الطبية المناسبة لحالتي وتابعني يومياً بنتائج فحوصاتي اللاحقة حتى شفائي.

على الرغم من قسوة الألم الذي ظللت أعانيه بسبب فيروس كورونا، لم أفكر بالذهاب إلى محجر العزل (الأمل)، بل قررت مواجهة ذلك الألم وحدي بكثير من الإصرار والإرادة، في البداية أحسست بحالة من الضعف والقلق الشديد، لكنني أدركت فيما بعد أن هذا القلق سيدمرني فقررت أن أكون قوي الإرادة، وأن لا أستسلم، فالاستسلام معناه الموت والفناء، صبرت وقاومت حتى تماثلت للشفاء بفضل من الله.

لكن ثمة ذكرى مازالت في الذاكرة، هي تلك الأيام التي مرت عليّ ثقيلة ومؤلمة، عشت فيها بمزاج متقلب، كنت أشعر بأنني على وشك الرحيل من هذه الحياة، لا أستطيع أن أصف تلك الأوقات التي كنت أصاب فيها بصعوبة في التنفس وحرمان النوم من شدة الألم.

تعكر صفو قلبي وأنا ماكث في عزلتي، كنت أشتاق لرؤية أولادي، تقبليهم ومعانقتهم، وزاد من حسرتي وإحساسي بالوحدة حلول عيد الفطر المبارك الذي كنت أتمنى فيه أن أكون برفقة أولادي وعائلتي، لأبادلهم فرحة العيد.

دخلت في حالة اكتئاب وعزلة نفسية، وتراكمت في رأسي كل هواجس الخوف والأفكار السلبية، وحاولت الامتناع عن سماع الأخبار ووسائل الأنباء المختلفة التي تبث إحصائيات الوفيات حتى لا يسيطر عليّ الخوف وأفقد معنوياتي وثقتي بنفسي.

وقد أخبرتكم خلال فترة مرضي وعزلتي أنني تناولت الأدوية التي أقرها لي الطبيب فراس، منها المضادات والفيتامينات، وإبر السيولة تحت الجلد المسمى بـ (كليكسان) مضاد للتخثر، التي كنت أعتمد عليها كثيراً لأهميتها، كما كنت ملتزماً باستخدام جهاز استنشاق البخار وجهاز (إكسي ميتر) لقياس نسبة الأكسجين في الدم، إلى جانب تناول الفواكه والخضار الطازجة واحتسائي المشروبات الساخنة التي تعمل على تقوية مناعة جسمي وتحسين جهازي التنفسي، مثل حبة السوداء والقرنفل والزنجبيل، وسلاحي الذي ظللت متمسكاً بهِ طيلة فترة مرضي، هو إيماني بالله وتمسكي بالدعاء والصلاة وقراءة القرآن، ما ساعد على رفع معنوياتي، وتعميق ثقتي بنفسي.

رسالتي لكل مريض أصيب بكورونا أن لا يستسلم للفيروس وعليه مقاومته، وأن لا يترك الخوف والقلق يسيطران على مخيلته، لأن ذلك يجعله يستسلم للموت بسهولة، وعليه الالتزام بكل تدابير الوقاية والإرشادات، واستخدام العلاج وفق نصائح الأطباء، وتعزيز مناعة جسمه بكل ما هو مغذي ومفيد وصحي، والأهم تقربه إلى الله لأن ذلك يساعد على استقرار الروح وصفاء الذهن وتعزيز الإيمان بالله، فهو الشافي ولا شفاء إلا شفاؤه، ولا يرفع المرض إلا هو.

أختم كلماتي بحمد الله وشكره، وعميق الامتنان والتقدير للطبيب الوفي، فراس أبوبكر سالم، الذي وقف معي ومع كثير من المرضى بتواصله الدائم واهتمامه وجهوده الإنسانية مع مرضى بلاده، كما أشكر كل من تواصل معي من أصدقائي وزملائي في العمل للاطمئنان على صحتي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى