لله يا محسنين توقفوا عن بناء المساجد

> في ظل غياب أدنى مستويات الرقابة والتطوير، تعاني كثير من طرق السفر البرية في اليمن من الإهمال بانعدام الصيانة الدورية لها وتطويرها وتحسينها كما هو معمول به في دول العالم التي لحياة الإنسان قيمة بها؛ فأصبحت تشكل هذه الطرق خطراً حقيقياً على حياة المسافرين، وأكاد أجزم أنك أيها القارئ الكريم إما تعرف أو سمعت عن أفراد أو أُسر قضوا في إحدى هذه الطرقات، فتيتم أبناء وترملت نساء وتألم آباء وأمهات على فقد أبنائهم إما لعدم رصف طريق، أو عدم ردم حفرة، أو هاوية على سفح جبل كان قد يحول دون وقوع وفيات منها فقط، وجود لوحات ارشادية لا أكثر من ذلك.

وفي الوقت الذي يختزل فيه كثير من المحسنين عمل الخير في بناء المساجد، إلا أنه قد يغيب عن أذهانهم أن أوجه الخير والإحسان غير ذلك كثيرة وتحديداً تلك التي تعود على الناس بالنفع والفائدة فتحول دون استنزاف الأنفس، أو تحفظ كرامة الإنسان، أو تطور الفرد ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه، فلمَ لا يتم الالتفات لاحتياجات الناس الأخرى في ظل وجود وفرة نبصرها جميعاً بكثرة الجوامع والمساجد والمصليات في النطاق الجغرافي الواحد؟

إن توسيع أفق تفكير المحسن ليبصر تلك الجوانب التي تنفع الناس إما بإيقاف ضرر عنهم أو بتحسين حياتهم ومعيشتهم، هو ما نحتاج إليه اليوم ليتحقق له ما جاء في الحديث الشريف "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، فأن يُصلح أحدهم طريق سفر كان ولا يزال يحصد أرواح الناس لسنوات، أو يؤسس لورشة يُعلّم فيها الفقراء صنعة يكفيهم بها عن المسألة، أو أن يشتري مزرعة لعشر أرامل ليعملن بها مع أيتامهن فيعيشون بها ويقتاتون منها، أو أن يقيم مركزاً طبياً مجهزاً بالاحتياجات الإسعافية الأساسية لخدمة الناس في منطقة هي بحاجة لذلك، هذه الأعمال وغيرها لهي خيرٌ له من بناء مسجد قد لا يبعد سوى القليل عن مسجد آخر "كما هو حال كثير من مساجد المدن والقرى" فلا يرتاده ولا ينتفع منه إلا القليل، فـ لله يا محسنين كفوا عن بناء المساجد، فهناك وفرة، والتفتوا إلى ما فيه نفع للناس.

مستشار وخبير في القيادة @aaamoude

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى