لعدن شَجَني

> * كنتُ كلما وَلَع قلبي بالسفر إليها.. أصحو باكراً وقد تهيأتُ من الليل.. فإذا ركبتُ السيّارة، أحسُّ أني أهِبُ نفسي قدراً من "الرِواء" أُطفئ به حُرقة المُلتاع.. فقد تمازج عندي عشق صباحات القرية وعشق السفر إلى المدينة التي فيها "الهوى ملوَّن"!
* والمُحب يذهب في "تجلّي".. ولَكَم سحرني البيت العدني بطرازه القديم.. تراه جدرانا من حجر صقيل بين اللبنة واللبنة خط دقيق من معجون تضعهُ فرشاة يربط ويزخرف.. ونوافذ وأبواب من خشب مطليّة باللون "السَمني"!

* هذا المواطن العدني الذي أخرج سريره عند المساء إلى الشارع طلباً للهواء البارد.. ترك من خلفه باب منزله مفتوحاً إلاّ من ستارة تغطيه من الداخل فحسب، وربما كان "مشجياً" بـ "هوك" يقرِّب بين مصراعيه.. فقد كان الأمان يحيط بالمواطن من الجهات الأربع.. هو أيضاً خَلَصَ للتو من تناول وجبة العشاء المكوّنة من الروتي والفول والشاي الملبّن!

ـ ليست الصورة الآن.. بل يرويها حمزة لقمان عن عدن قبل مائة عام!
* أما البحر والجبل فلا يتغيران في المدينة.. وسنفرح بعدن ونمدُّ لها من الأشواق مدّا، زُهاء ما استطال شطآنها إلى البعيد.. ثم نعكف نوزّع الحُب!

* هي مظلمة من جهة الكهرباء.. لكن فيها من بهاء الساحل عند الأصيل ما يهبُ الكون أجمل ضوء.. وقرص شمس مذهّب يستحيل إلى ألوان مشفوعة بتحايا الغروب تغرق في قلوبنا لون بعد لون.. وشَجَن بعد شَجَن..!
* عدن التي يحبها القريب والبعيد.. وقيل قد هفى لربوعها المهري والتهامي.. كانت في كَنَف "الجنوب" أيقونة المدائن وقبلة المشتاق لدفء الحُب.. ولها أن تعود كما كانت بطلاوة حُسنها وشذى عطرها، تسكب في قلب الزائر الوافد مقادير من الأُنس والفَرَح!

* لكن أين كنّا لمّا عبث بها نظام صنعاء وعاث فيها فساداً؟! وسكتنا قريباً من صمت القبور.. فعطّل فيها كل شيءٍ جميل.. حتى عجزت الآن أن تَصِل خدمة الضوء ما يخفّف عن العَجَزة والأطفال والمرضى من لهيب الصيف الساخن!
* نعلمُ أن بعضنا قد شارك في هذا "النَصَب" الذي أصاب الثغر الباسم.. ومارس العبث والضياع.. كأنه جزء من نسيج الحاكم الجائر!

* سنرى في مدينة السلام سلاماً يوحي بقُرب الفرَج.. وسيضع الجميع البنادق.. وسيبقى "الحوار" الحل الأمثل للخلاف، وليس الجنوب وحدهُ من يتصدى لقضيته، فقد شاع في أروقة المؤسسة الدولية خبرٌ اسمهُ "القضية الجنوبية".. كذا يُحكى لأهل الدنيا أنْ لا استقرار لوطن حتى يحكم ولاته بالعدل!
* نتمنى لليمن أن يخرج من أزمته.. ويقف العُقلاء للتصدي لتجاّر الحروب الذين فتحوا أسواقاً للمقايضة بدم الأبرياء.. والتخطيط للغزو وتدمير المُدن!

* سنرى في عدن شيئاً جميلاً.. ثم يبقى على الحكومة أن تفي بالتزاماتها.. ويذهب جيش الشرعية لاستعادة صنعاء بدلاً من العبث بآلياته وجنوده من أجل تحرير المحرّر في عتق وشقرة.. ولعدن شَجَني..!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى