يا شعب افقهوا هذا

>
المفترض أننا دولة جمهورية، هذا ما يقوله دستورنا، وللسلطة ضوابطها، وأولها أن المسؤول هو مجرد موظف عام وحسب من الغفير إلى الرئيس، هذا يعني أنهم مجرد أُجراء وخُدّام لهذا الشعب وبمرتباتهم، ولكن أباطرة السلطة هنا يتصرّفون وكأنهم الحكام بأمرهم، أي وكأن الدولة هي إقطاعية خاصة بهم، أو ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، فهم يوقفون مرتبات الناس بدون وجه حق، وينهبون موازنة البلاد وخيراتها... إلخ، ولا مُحاسب لهم مطلقاً.

موظفو المستويات العليا قبل أن يحطوا مؤخراتهم على مقاعد السلطة يؤدون اليمين الدستوري على المصحف، وعليه يقسمون بالله العظيم أنهم سوف يحافظون على البلاد وثرواتها ويحترمون الدستور... إلخ، لكن من أول يوم يزاولون فيه أعمالهم يمارسون النهب والفساد والعبث.
مثلاً: نائب الرئيس الجنرال الدموي علي محسن (وغيره نافذون كثر) يقتطع نسبة 30 % من قيمة النفط المستخرج لحسابه، فمن أعطاه هذا الحق؟ وأي دستور أو قانون شرّع له ذلك؟ لا شيء طبعاً، لكن لأنه نافذ من الفئة الزيدية، وهذه الفئة تشعر أنها صاحبة حق مطلق في كل البلاد، فلا يُفتح حبل مرساة باخرة نفط لتغادر إلا بعد وصول إشعار من بنكٍ خارجي بتوريد حصته، تصوّروا، وهذا حنث بواح بقسمه المغلظ على المصحف، بل هو نهب بشع لمال شعب ولخزينة البلاد، فهل رأيتم إجراماً كهذا؟ لا أعتقد مطلقاً.

وبالمناسبة حتى فخامة رئيس البلاد بالقطع له حصته من النفط المستخرج، ويُمالي حوت اقتصاد النفط التاجر العيسي الشريك لأنجاله كما يُشاع، وسلّمهُ مصفاة عدن، وهذا أوسعها تدميراً، ولتبقى مجرد مستودعات له، والأنكى أن الرئيس حمّل موازنة البلاد كل رواتب عمال المصفاة بكلفتها الفلكية، وهذه جريمة عظمى بحق الشعب المنهك في الكهرباء والغلاء وتردي كل الخدمات.

قِس على ذلك بقية الزبانية من الوزراء والنافذين اللصوص كلهم حولوا البلاد الى إقطاعية خاصة بهم، واليوم يوقفون رواتب عسكريينا الجنوبيين وأسر الشهداء والجرحى لأربعة أشهر ظلماً، ولا أدري أي حق قانوني شرع لهم هذا الفعل الإجرامي الدنيء. بالطبع لا شيء سوى الاستقواء بالنفوذ، والدولة التي حولوها إلى ملكية خاصة بهم، وداسوا على العقد الاجتماعي بيننا كشعب وبينهم، وهو دستور البلاد وقوانينها.

للعلم فكارثتنا هي في الإقليم الذي حولنا، وهو وصي على بلادنا بموجب القرارات الدولية، ونظامه ملكي أسري، وهذا من خصوصياتهم ولا شأن لنا بهم، ولكنه يُمالي سلطاتنا الإجرامية الفاسدة، ويصمتُ على كل جرائمها بحقنا كشعب، فهو يعتبر أن كل هذا من حقهم، وكما هو عندهم ولا شك، وكأنه (الإقليم) يريد تأديبنا لأننا جمهوريون كما يبدو لي، وإلا لماذا يصمتون على جرائم حرمان سلطاتنا لقطاع واسع من شعبنا من مرتباتهم القانونية، ويصمتون على النهب والفساد والعبث وغير ذلك من الجرائم الشنيعة التي يشهد بها الصغير قبل الكبير هنا؟ لذلك يبدو لي أن الأمر هكذا، أليس كذلك؟!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى