هل تصبح الفتوى من أدوات الترهيب.؟!

>
ليس كل من اعتلى منبرا في أحد بيوت الله كان بالضرورة أن نطلق عليه لفظ "شيخ"، وليس كل من حفظ كتاب الله العزيز القرآن الكريم فإنّ ذلك يعني أنه قد أصبح مؤهلا للفتوى وإصدارها، وليس كل من لبس الثوب الأبيض فإنه بالضرورة شيخ الدُعاة. الأمر ليس بهذه السهولة بمكان حتى نطلق على شخص ما أنه "مفتي" وله حق الإفتاء. الإفتاء له ضوابطه وأسسه ومنهاجه الذي يتم تدريسه من جميع جوانبه، ولا يمنح الطالب في هذا العلم لقب مفتي إلا بعد أن يكون قد اجتاز مستويات متعددة من القراءات والأحاديث والتفسيرات والاجتهادات وتبين الصحيح منها والضعيف والحسن والمرسل والمؤكد.

ما نشاهده أن الفتوى أصبحت مباحة ومستباحة، في ذات الوقت يتم استغلالها لأغراض سياسية مقصود منها نشر الترهيب والخوف وإشاعته بين الناس، والفتوى والإفتاء براء من ذلك تماما كما هو ديننا الإسلامي السمح.
كيف يعطي البعض أنفسهم حق استباحة دماء مسلمين، بل وأعطوا أنفسهم حق ممارسة دور الدولة ودور الأجهزة الأمنية ودور ولي الأمر! من منحك تلك الصلاحيات لتقتل وتسفك الدماء وتستبيحها دون وجه حق شرعي و/أو قانوني. الدولة وحدها ممثلة بأجهزتها التي أنت تتعامل معها في كل جوانب حياتك ومعاملاتك هي فقط لها حق حفظ الحقوق وحياة الناس، وهي المنوط بها حفظ المصالح العام.

من يدعي امتلاك حق شرعي، ويستخدم نصا دينيا في التحريم أو التجريم أو المباح في غير غاياته النبيلة فلا أحقية له، وادعاؤه مردود عليه وهو في الأساس باطل. فيجب ألا تترك الأمور مستباحة ومباحة دون ضوابط ترعاها الدولة ممثلة بأجهزتها الرقابية. هي محددة شرعا وقانونا. الإفتاء والفتوى وإصدارها يخضع لقانون الدولة التي تعيش فيها وتتنقل في أرجاءها دون نزاع. إن المنكرات هي ما تخالف في مبناها الشريعة، وتعمل على تقويض أسس وبناء المجتمعات. لا أن تستباح دماء مواطني هذا البلد ممن لا يملكون حقا في تنفيذه، وأيا كان الأمر فلست مكلفا بالقيام بأفعال تختص بها الدولة، فأنت لك حق الشكوى وتقديمها إلى أجهزة الدولة ذات الاختصاص والعلاقة. أما دعوتك جهارا نهارا للتحريض والتصفية الجسدية لأحد شباب عدن لأنه قام بأعمال يد خفيفة مشفوعة ومشاعة عالميا، لتقوم أنت من مكانك لتصنفها كيفما تشاء؛ لتوجه باستباحة دمه متحججا بأنك قد أفتيت، فعجب فعلا مما تقول. فهل تعتقد في نفسك وذاتك أنك المفوّه والقيّم على الدين الإسلامي والذود عن حياضه. يكفي عبثا ويكفي رعونة، فذاك والله جهل بالدين ومفارقة له.

المشيخة ليست ثوبا ترتديه، وليست عباءة تخفي تحتها أضغاثك، الدين الإسلامي علم ونور ومنهاج حياة وتتمة مكارم الأخلاق. وإنني لأدعو الأجهزة الأمنية والنيابة والقضاء لمساءلة أمثال هؤلاء ونوازعهم، والرقابة على منابر تفتي دون إجازة كاملة تحت رعاية مَجْمع فقهي وعلمي وسطي، يتم من خلاله الاستعانة بالخبرات في هذا المجال مثل مشيخة الأزهر الشريف في مصر الحبيبة، على أن يتم تأسيس هذا المجمع في عدن. وأين هو الدور المنوط بوزارة الأوقاف في هذا الشأن، وهي جهة الاختصاص الفعلية التي تملك قانونا حق ممارسة هذا الدور الرقابي والإشرافي على من يعتلون المنابر، أو الذين يستخدمون بيوت الله كمركز إعلامي وتعبوي!
وأخيرا، أدعو إدارة الأمن إلى حماية حياة الفتى الشاب من دولة الفتوى.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى