من العر إلى فحمان

> أما آن للعقل الجنوبي أن يستعيد توازنه ويبلغ سن الرشد، أم سنبقى ندور في حلقة مفرغة من إفلاس، لم نجد فيه إلا كيل الشتائم لبعضنا وصلت حد استخدام مفردات بذيئة؟
(العر وفحمان) هما من وحي كلمة للأخ اللواء أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية، قالها في يافع، وذكر في الجزء الذي شاهدته (مودية) كواحدة من مناطق الجنوب التي تقف مع الحق الجنوبي، ثم ذكر باقي المحافظات، وبالطبع لا يخفى على أحد أن كل الجنوب العربي يناضل من أجل هذا الحق الجنوبي منذ 1994م.

لمن لا يعرف جبل العر في يافع، هو أول بقعة جنوبية تتحرر بقوة السلاح، فقد كان أحد معسكرات عفاش يوجد في ذلكم الجبل، جرى ذلك بسواعد وبنادق أبطال الجنوب في يافع حين كان عفاش في عز مجده، أما فحمان فهو أحد جبال ولاية دثينة، مودية، الذي كان ملجأ لثوار الجنوب في المنطقة الوسطى من أكثر من طرف من القوى الوطنية الجنوبية، ومن فحمان كان يصل المدد إلى ردفان خلال فترة النضال ضد الاستعمار البريطاني.

ولأن جبال الجنوب العربي كانت شاهدة على تاريخ نضال أهلنا فإن في جبال شبوة لا تزال بقايا بيوت ثوار الجنوب شاهدة حتى اليوم على قصف طيران الإنجليز لتلك البيوت التي هدمها على رؤوس النساء والأطفال، ولو نطقت جبال الجنوب، من حوف وجاذب في أقصى شرق الجنوب إلى جبال الصبيحة في غربه، لروت لنا مآثر بطولية وحكايات دماء زكية سالت في كل ربوع الجنوب من أجل رفعة وعز حرية الجنوب العربي.

لكن، وفي غفلة من الزمن تمت مصادرة ذلكم التاريخ وتلك التضحيات بعد صراع دامٍ (جنوبي، جنوبي) جرى بعده تزوير تاريخ، وتخوين رموز، وهكذا دارت عجلة الإقصاء إلى أن بقيت آخر مجموعة في الجنوب، وهي التي أخذت الجنوب بما حمل إلى باب اليمن، لتشرب هي الأخرى من نفس كأس الإقصاء حين أقصاها عفاش في 1994م، وتباكى بعضنا لأن عفاش تحالف مع من تم إقصاؤهم في مراحل سابقة.

نحن اليوم نكرر المشهد الماضي ذاته، بكل آلامه، ونكذب على بعضنا وننسب لبعضنا ما ليس فينا، فما نراه في أبين هو صراع بين العر وفحمان (على سبيل الاستعارة) هو صراع جنوبي جنوبي مباشر، ربما هناك داعم خفي أو معلن لطرف ضد طرف، لكن لم نرَ أسيرا من قوات علي محسن أو قوات طارق صالح لدى هذا الطرف أو ذاك كما ندندن ويدندنون.

وما نراه أيضا هو هجوم إعلامي متبادل، جنوبي صرف، يترفع الشرفاء أن يكونوا جزءا منه، أو يكونوا مشعلي حرائق تحرقهم قبل غيرهم، وصل هذا التراشق الإعلامي حد (الشيزوفرينيا) حسب أطباء النفس، فأحدنا يتحاور مع هادي والآخر يشتمه!
هناك من عبث في (الإعدادات، بلغة الجيل الإليكتروني) في المرة الأولى، وجعل بنادق الجنوبيين تتوجه إلى صدور بعضهم حتى وصلنا إلى باب اليمن، ولا ندري هل هناك من عبث بالإعدادات في هذه المرة أم هي نزعة الثأر السياسي التي أعادتنا إلى مربع 1967م وما قبلها، لكنا إذا أصررنا على السير في نفس الطريق سنصل إلى حيث وصلنا في المرة الأولى، لكن بشكل أسرع وبصورة أسوأ.

فهل نستثمر اتفاق الرياض لجعله جسرا جنوبيا بدلا من الجدار النفسي الذي أقمناه، أم نخرج من الصندوق ونطلق حوارا جنوبيا بلا سقوف إلا سقف الجنوب العربي، أم نسير في طريق (القن) الذي نعرف نهايته جيدا؟
اللهم فاشهد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى