للفتنة الوأد وللصبيحة السلام

> يجب أن نتداعى للوقوف مع أبناء الصبيحة الذين نعرفهم رقما صعبا ومهما في نسيج التكوين الديموغرافي والاجتماعي في الوطن عموما ولحج خصوصا؛ أثناء المحن التي يمرون بها، والفتن التي تطل برأسها هنا أو هناك من أرض الأصابح الطيبة.
ولسنا في حاجة لإبراز دور هذه القبيلة بفخائذها وعشائرها المختلفة ورجالها الأفذاذ ومشايخها الكرام في كل مراحل التاريخ الوطني، بل نشهد أمام الله ثم أمام الناس أن الصبيحي في قضايا الوطن داخل في المغرم خارج من المغنم.

فدور أول رئيس للجنوب المعاصر مؤسس دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية المناضل الكبير قحطان محمد الشعبي دور لا يختفي أو يسدل الستار عنه بإرادة مراهقي اليسار في عدن أو من جاء بعدهم، فالرجل أعطى ولم يأخذ؛ ضرب المثل الأعلى لنقاء المناضل وصوفيته ولم يكن هناك من يصدق أن يكافأ قحطان بالسجن المؤبد، وأن رفاقه ممن كانوا في الصف التالي لقحطان في الثورة والدولة وأصبحوا حكاما بعده لن يسيروا في جنازة الرجل الذي كان ملء السمع والبصر منذ التحاقه بالعمل الوطني والاجتماعي والسياسي والثوري حتى تأسيس جمهورية الجنوب ليكون أول رئس للجنوب ابتداء من 30 نوفمبر 1967م.

وبالمثل يمكن القول عن دينامو حركة القوميين العرب والجبهة القومية والثورة والاستقلال الشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي والذي أعطى الثورة كل ما يملك من جهد إنساني مضن، فدائيا كان في صفوفها أو مفكرا معتبرا يؤصل للنهج الوطني ضمن خيارات العروبة والقومية العربية مما لم يرض رفاقه المهطعين لمشيئة اليسار المراهق في بيروت، فاستشهد فيصل بطريقة دنيئة في سجن الفتح الرهيب بعد انقلاب 22 يونيو 1969م.

إن هاذين القائدين أنموذج واحد لا غير على خصوبة أرض الصبيحة منجبة الرجال، والأمثلة كثيرة من الثورة وما قبلها أيضا إلى الدولة الوطنية والوحدة اليمنية مع ما رافقها من حرب الإطاحة بالوحدة نفسها واحتلال الجنوب صيف عام 1994م، ثم النضال الجنوبي وحراكه ضد الاحتلال وصولا إلى حرب التحرير في العام 2015م، وكلها زاخرة بمآثر بطولية لأبناء الصبيحة تعميدها كان الدم الزكي والأرواح الطاهرة للمئات من أبناء الصبيحة. ويغنينا أن نقول إن حزام الصبيحة الجغرافي من كرش وما حولها مرورا بطورالباحة والمضاربة ورأس العارة وصولا إلى باب المندب هو نسق الدفاع الأول عن الوطن كان ولازال حتى اللحظة يؤدي هذا الدور المشرف، دون نكران دور بقية المناطق الجنوبية الحدودية الأخرى التي تؤدي مثل ذلك الدور الوطني.

يجب استشراف اللحظات الأكثر إشراقا أثناء حرب التحرير الأخيرة في جبهات الصبيحة وخارجها حين تناسى الصبيحة ثأراتهم وقاتلوا كتفا بكتف في متارس الشرف والبطولة. وهو ما ينبغي التأسيس عليه اليوم بالوقوف وقفة رجل واحد لوأد الفتنة التي نشبت بين الإخوة (الصميتة) و(العطويين)، والتي إن استمرت بإرادة الجهلة والمراهقين والخارجين عن الأعراف والتقاليد من الطرفين فإن نارها ستحرق الأخضر واليابس وتمزق النسيج الواحد للقبيلتين نسبا وقربى وأخوة وجوارا ودما واحدا.

وعلى الخيرين من مشايخ القبيلتين ومرجعياتهما والأكاديميين والمتعلمين وأئمة المساجد والفقهاء أن يبادروا في مسعى حميد وكلمة سواء جنبا إلى جنب المساعي المبذولة من قبل الأخ محافظ لحج ومشايخ الصبيحة الذين هبوا لوضع حد لهذه الفتنة التي يصنعها أو يتعاطى معها الصغار ويكتوي بنارها الأطفال والنساء والرجال والشباب دون تفريق.

وأن تصب المساعي أولا في توقيع صلح أو هدنة بين الطرفين وتجريم من ينتهك الصلح أو الهدنة وتسليمه للعدالة دون تباطؤ على أن تستمر الجهود لإحلال سلام دائم بين القبيلتين، ليكون ذلك مدخلا إلى اتفاق شرف دائم بين أبناء الصبيحة قبائل وفخائذ وعشائر وتجمعات وأفراد بتجريم عادة الثأر المقيتة والنتنة وتجفيف منابعها من خلال جهود اجتماعية يتشارك فيها الجميع والدولة أيضا، حتى في وضعيتها الحالية والإخوة في التحالف العربي الذين يعرفون جيدا تضحيات الصبيحة في الحرب الأخيرة على الأقل، وذلك عن طريق تحمل ديات القتلى وتعويض أولياء الدم وإعالة وإعاشة أسرهم والتكفل بأطفالهم إن وجدوا، وتوظيف الشباب في مؤسسات الجيش والأمن والمؤسسات المدنية الأخرى، وإحداث تبدل اجتماعي في مناطق الصبيحة من خلال التعليم وتشجيعه في صفوف الجنسين، وبناء بنية تحتية ملائمة للحياة وتليق بالإنسان في هذه الأرض التي ظلت محرومة منذ الاستقلال وحتى اليوم.

نبصر إخوتنا أن ما يحدث في أرضهم وبين بعضهم بعضا وتأجيجه يتم عن طريق طرف ثالث أو أكثر وهو ما يجعلنا جميعا في الصبيحة وتبن والحوطة ولحج كافة نسعى لوضع حد لما يحدث بين الصميتة والعطويين وإيجاد السبيل لتوحيد الصبيحة القبيلة العظيمة والذخر الذي لا ينفذ للوطن كافة، مهما ترآى لنا صعوبة هذا الهدف النبيل وإن الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.
ونحذر من اللعب عن طريق الصغار لتمزيق وتفتيت هذه القبيلة العظيمة وإشعال النار بين فروعها الطيبة، لأن النار سوف تمس الجميع إن اشتعلت.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى