خريطة المضايق والقنوات.. 8 نقاط تتحكم في حركة التجارة العالمية

> «الأيام» ساسة بوست:

> هرمز ومالاقا وباب المندب أهم نقاط الاختناق النفطية الرئيسة في العالم
نقاط الاختناق هي مضائق بحرية طبيعية، أو قنوات مائية اصطناعية ضيقة، تقع على طول الممرات البحرية العالمية التي تشهد نشاطًا مكثفًا في حركة الشحن، وبعضها ضيق للغاية أو قليل العمق لدرجة أن المرور فيها يقتصر على سفن بأحجام معينة.
على الرغم من ضيقها ومخاطر العبور منها، تعد هذه النقاط ذات أهمية استراتيجية؛ إذ يمر عبرها حوالي 61% من إنتاج العالم من البترول والسوائل النفطية الأخرى (58.9 مليون برميل في اليوم)، بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

توصف نقاط الاختناق البحرية بأنها «العمود الفقري» لحركة التجارة العالمية، وتضطلع بدور بالغ الأهمية لأمن الطاقة العالمي، وقد يؤدي إغلاقها، ولو مؤقتًا، إلى زيادات كبيرة في إجمالي تكاليف الشحن وأسعار الطاقة العالمية، ولذلك يتضافر المجتمع الدولي لإبقائها آمنة قدر المستطاع.
وتفرض هذه الممرات الاستراتيجية حقائق جغرافية راسخة تخلق فرصًا تجارية لصناعة الشحن العالمية، بما في ذلك بناء الموانئ، وإصلاح السفن، والتزويد بالوقود، وعمليات السمسرة، وتأجير السفن.

القنوات والمضايق في العالم
1. مضيق هرمز.. أهم نقطة اختناق بحرية في العالم
يعد مضيق هرمز أهم نقطة اختناق بحرية في العالم، وإحدى ثلاث نقاط اختناق مهمة لتجارة النفط حول شبه الجزيرة العربية؛ إذ يعبر يوميًّا من خلاله من 17 إلى 18.5 مليون برميل من النفط، وهو ما يعادل تقريبًا 30 - 35 % من إجمالي تجارة النفط الخام والسوائل الأخرى المنقولة بحرًا.
يذهب حوالي 80% من هذه الحمولات الهائلة من الطاقة إلى أسواق آسيا، وتستحوذ الصين، واليابان، والهند، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة على النصيب الأكبر منها.

يتمتع المضيق بموقع استراتيجي بالغ الأهمية بين عمان وإيران، ويصل ما بين الخليج العربي، وخليج عمان، وبحر العرب، والمحيط الهندي. وقد تزداد حركة المرور في ساعات الذروة لتصل إلى ناقلة كل ست دقائق، بمعدل 30 ناقلة يوميًّا في المتوسط.
يبلغ عرضه حوالى 21 ميلًا في أضيق نقاطه، وعلى الرغم من أن عرض ممر الشحن في كلا الاتجاهين يبلغ ميلين فقط، مع منطقة عازلة بطول ميلين، فإنه عميق وعريض بما يكفي لعبور أكبر ناقلات النفط في العالم، ولذلك تمر من خلاله حوالي ثلثا شحنات النفط على متن ناقلات تزيد حمولتها على 150 ألف طن.

2. مضيق مالاقا.. يربط المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ
يقع مضيق مالاقا ما بين جزيرة سومطرة في إندونيسيا، وشبه جزيرة ماليزيا، وسنغافورة، ويربط بين المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ، وهو أقصر طريق بحري بين الشرق الأوسط والأسواق الآسيوية المتنامية، لا سيما الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
يحتل المضيق المرتبة الثانية في أكثر نقاط الاختناق البحرية ازدحامًا في العالم، ويعدُّ نقطة الاختناق البحرية الأساسية في آسيا. وتنتقل عبره حوالى 16 مليون برميل نفط يوميًّا، ويشكل النفط الخام ما بين 85 % و90 % من إجمالي تدفقات النفط التي تمر عبره سنويًّا، وتشكل المنتجات البترولية الأخرى النسبة المتبقية.

يبلغ طوله حوالى 800 كيلومتر، ويتراوح عرضه ما بين 50 و320 كيلومترًا، لكنه يضيق في قناة فيليبس قرب سنغافورة إلى حوالي 1.7 ميل فقط، ثم إن عمقه لا يتجاوز في بعض المناطق 25 مترًا؛ إذ يتحول إلى «عنق زجاجة» طبيعي، ما يؤدي إلى زيادة خطر اصطدام الناقلات بعضها ببعض أو بقعر المضيق، وبالتالي تسرب النفط، ناهيك عن محاولات السرقة والاختطاف التي تشكل تهديدًا للناقلات.

يعد مضيق مالاقا أيضًا ممرًّا بحريًّا مهمًّا لنقل الغاز الطبيعي المسال من منطقة الخليج العربي والموردين الأفارقة، وخاصة قطر، إلى دول شرق آسيا التي يتزايد طلبها على هذا النوع من الغاز، وأبرزها اليابان وكوريا الجنوبية.

3. قناة السويس.. تربط بين البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر
قناة السويس هي ممر مائي صناعي بمستوى البحر، ويبلغ طولها الملاحي حوالى 193 كيلومترًا؛ تمتد من الشمال في مصر عبر برزخ السويس، وتصل البحر الأحمر وخليج السويس بالبحر الأبيض المتوسط، وتفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا.
مرت قناة السويس بعدة مراحل من التطوير على مدى قرنٍ ونصف، أسفرت عن توسيع طولها وعرضها وعمقها ومساراتها المزدوجة، بالإضافة إلى غاطس السفن والحمولة الساكنة، كما يظهر من الجدول التالي:
مراحل تطوير قناة السويس ما بين عامي 1869 و2015.

يذهب معظم النفط العابر للقناة إلى الشمال باتجاه أسواق أوروبا وأمريكا الشِّمالية (2.4 مليون برميل من حوالي 3.2 مليون برميل يوميًّا)، ويذهب الباقي إلى الجنوب حيث تستحوذ الأسواق الآسيوية على النصيب الأكبر منه (1.5 مليون برميل في اليوم).
إلى جانب مضيق هرمز ومضيق باب المندب، تعد قناة السويس وخط أنابيب سوميد إحدى ثلاث نقاط اختناق مهمة لتجارة النفط حول شبه الجزيرة العربية.

4. مضيق باب المندب.. يصل بين البحر المتوسط والمحيط الهندي
يقع مضيق باب المندب في منطقة استراتيجية بين الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وتحديدًا بين جيبوتي وإريتريا في أفريقيا واليمن في آسيا، ويربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويصل ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي.

نقاط الاختناق الثلاثة الرئيسة المحيطة بشبه الجزيرة العربية: قناة السويس وخط أنابيب سوميد في الشمال الغربي، ومضيق باب المندب في الجنوب، ومضيق هرمز في الشمال الشرقي. المصدر: إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
يبلغ عرضه حوالى 18 ميلًا في أضيق نقاطه، مما يحد من حركة الناقلات في قناتين بعرض ميلين لمرور الشحنات الواردة والصادرة، لكن على الرغم من ذلك يعبره حوالي 3.8 مليون برميل نفط يوميًّا نحو أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، وتمر منه معظم صادرات الخليج العربي من الطاقة عبر قناة السويس وخط أنابيب سوميد.

إلى جانب كونه ممرًّا رئيسيًّا لشحنات الطاقة العالمية، يمر عبر مضيق باب المندب أكثر من 50 مليون طن من المنتجات الزراعية، لكن نظرًا إلى عدم الاستقرار المزمن في تلك المنطقة، يصنف المضيق إحدى أكثر نقاط الاختناق خطورة للتجارة الدولية.

5. مضيقا البوسفور والدردنيل في تركيا.. حلقة وصل بين آسيا وأوروبا
مضيقا البوسفور والدردنيل هما مضيقان تركيان يربطان بين آسيا وأوروبا، يمر منهما نحو 2.4 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات البترولية في اليوم، ويعدان من طرق تصدير النفط الأساسية من روسيا ومنطقة بحر قزوين إلى غرب أوروبا وجنوبها.
يبلغ طول مضيق البوسفور 17 ميلًا، ويربط بين البحر الأسود في الشمال وبحر مرمرة التركي. أما مضيق الدردنيل، فيبلغ طوله 40 ميلًا ويصل بحر مرمرة ببحر إيجة والبحر المتوسط.

وعلى الرغم من مرور حوالي 48 ألف سفينة عبر هذين المضيقين كل عام، مما يجعلهما أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، من اللافت أن تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن نقاط الاختناق البحرية العالمية، يركز على نقاط الضعف المتعلقة بالمضيقين التركيين.
وأبرز نقطتي ضعف تذكرهما الوكالة الأمريكية هما: انخفاض حجم شحنات النفط التي تمر عبرهما يوميًّا، من 3.4 مليون برميل في عام 2004م إلى 2.4 مليون برميل في عام 2016م، إلى جانب ضيق عرضهما الذي يبلغ نصف ميل فقط في أضيق نقطة، ما يجعلهما «من بين أكثر الممرات المائية صعوبة للإبحار في العالم».

6. قناة بنما.. تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ
تقع قناة بنما في أمريكا الوسطى، وتربط بين المحيط الهادئ والبحر الكاريبي والمحيط الأطلسي. يبلغ طولها حوالى 50 ميلًا، ويضيق عرضها عند أضيق نقاطها إلى حوالي 110 أقدام فقط، لذلك لا تعبرها إلا سفن ذات أبعاد محددة لا يزيد وزنها على 80 ألف طن، ولا يزيد عرضها على 108 أقدام.
تعبرها حوالى 13 ألف سفينة سنويًّا، تحمل حوالي 204 ملايين طن من البضائع؛ لأنها تتيح اختصار نحو 12500 كيلومتر من رحلة السفن التي تنتقل من نيويورك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى سان فرانسيسكو على الساحل الغربي.

وعلى الرغم من أن البترول والمنتجات البترولية مثَّلت 27% من السلع الأساسية التي عبرت قناة بنما، من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، في عام 2016م، فإن هذه القناة ليست طريقًا مهمًّا لعبور الشحنات العالمية من البترول ومنتجاته؛ إذ شكَّلت حركة شحنات البترول والمنتجات البترولية المتجهة شمالًا (من المحيط الهادئ إلى المحيط الأطلسي) 9% فقط من إجمالي المنتجات التي انتقلت عبر القناة.

7. المضايق الدنماركية الثلاثة.. تربط بحر البلطيق ببحر الشمال
هي سلسلة قنوات تقع بين الدنمارك والسويد، وتربط بين بحر البلطيق وبحر الشمال، عبر خليجَيْ كاتيجات سكاجيراك، وهي المنطقة التي تشهد إحدى أكثر حركات مرور السفن كثافة في العالم؛ إذ يمر من خلالها حوالي 3.3 مليون برميل نفط يوميًّا، وتوفر ممرًّا حيويًّا لصادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا إلى أوروبا.
والمضائق الدنماركية الثلاثة هي: أوريسوند Øresund، الذي يقع أقصى الشرق، والحزام العظيم Storebælt، الذي يقع في الوسط، والحزام الصغير Lillebælt، وهو أضيقها ويقع في الغرب.

وإذا كان الحلفاء انتصروا بفارق ضئيل في معركة الأطلسي خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، ففي حالة نشوب حرب عالمية ثالثة في المحيط الأطلسي، يحذر تحليل نشره المعهد البحري الأمريكي في عام 1960م من أن النصر أو الهزيمة قد تعتمد على من يتحكم في تلك المنطقة البحرية الضيقة المعروفة باسم المضائق الدنماركية.

8. مضيق جبل طارق.. يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي
يقع مضيق جبل طارق بين جنوب إسبانيا وشمال غرب أفريقيا، ويربط بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. ويبلغ طوله 58 كيلومترًا، ويصل عرضه في أضيق نقطة إلى 13.8 كيلومترًا، وأعمق جزء في مجراه الملاحي يبلغ نحو 935 مترًا، وأقل عمق فيه 320 مترًا.
يمثل أهمية كبيرة للدول الأوروبية التي لا تملك موانئ على البحر المتوسط، ولذلك يشهد حركة ملاحية كثيفة؛ إذ تعبره يوميًّا نحو 150 سفينة، ما عدا القوارب الصغيرة والغواصات.

يمر عبره 5 % من تجارة البترول العالمية، وتُشكل ناقلات البترول ثلث السفن التي تعبر المضيق بما يعادل نحو 18 ألف ناقلة في السنة. كما تعبره يوميًّا قوارب نقل الركاب (المعديَّات) بين طنجة المغربية ومدن الساحل الأوروبي.
وهو نقطة الاختناق الوحيدة التي لم تشهد اضطرابًا كبيرًا خلال العقدين الفائتين، على الرغم من الخلاف بين المملكة المتحدة وإسبانيا بشأن السيادة على منطقة جبل طارق.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى