رسالة من طالب إلى معلمه

> عبدالله ناصر العولقي

> معلمي الفاضل، أنت من وافق على حمل نبراس العلم، ومن يحمل هذا المشعل يتوجب عليه بذل قصارى جهده في نشر نور العلم، وترسيخ المعرفة والوعي في عقول تلاميذه، وفضلا عن هذا الدور الهام في تنوير العقول يقع عليك أيها المعلم دور التربية وتوطيد الأخلاق الحميدة في سلوك التلاميذ، فلك الفخر بهذا الشرف، ولك خير الجزاء.

معلمي الفاضل، المدرسة هي دار للتربية ومنهل للعلم، فالعلم والأخلاق هما نواة التطور، والازدهار للوطن، ولكن، وللأسف الشديد، ولسنوات عدّة خلت، واكب العملية التعليمية في جميع مدارس عدن وبعض المحافظات الأخرى وهن شديد، ظهرت معالمه جليةً في التدني الكبير في مستوى الطلاب العلمي، وانت أيها المعلم تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، فقد نُسب إليك انحسار همتك في رفع معارف التلاميذ، وتعزيز مستواهم العلمي والمعرفي، واستسلامك لسياسة التهاون في تشديد الرقابة في أثناء الامتحانات، التي هدفت لترسيخ الغش وتلميع صورته، ومن المؤكد أن ما حدث لك قد كان بفعل تأثير ضغوط سياسة تدميرية ممنهجة، عملت على تطويعك دون أن تشعر بخدمة أهدافها البعيدة.

معلمي الفاضل، يقتضي الواجب الوطني والأخلاقي أن تبذل جهدا سخيا لردم الهوة السحيقة في المستوى العلمي لطلابك، وأن تقف إلى جانبهم من أجل تخطي ركام العجز والقصور العلمي الذي سد باب الطموح، والتنافس الشريف لنيل المراتب العلمية العليا بجدارة، كما يقع عليك إنعاش حب التعليم الذاتي في نفوسهم، والاستفادة من تطور وتوسع الشبكة العنكبوتية، التي ساعدت في سهولة نقل المعلومة ونشر المعرفة، حتى يكون بيت الطالب امتدادا علميا للمدرسة.

معلمي الفاضل، لا يخفى على أحد الظرف المادي الصعب الذي تواجهه، فالحياة المعيشية ازدادت تعقيدا بعد انهيار قيمة الريال اليمني، الذي أدى إلى فقدان القيمة الحقيقية للراتب، فتحول مبلغه المالي إلى مبلغ هلامي لا يفي بتغطية نفقات العيش ولا يلبي أبسط الاحتياجات الضرورية، ولكن ألا تعلم أن هذا البلاء أصاب الجميع؟ فالغالبية العظمى من أسر الطلاب يواجهون الموج العاصف للغلاء، والبعض منهم معاناتهم أشد وأشق من معاناتك أيها المعلم، فوالدي يكابد نفس الصعوبات المالية التي تواجهها، وهو ليس تربويا، بل يعمل في الخدمات الصحية، فأجده متذمرا يشكو ليلا ونهارا من الراتب الهلامي الذي يستلمه والذي لم يحتفظ بقيمته السابقة، وكذلك والد صديقي الذي مرفق عمله تعطل مع الحرب المدمرة، وأجبر على البقاء في البيت، فوجد أن راتبه لم يعد كما كان في السابق، فقيمته الفعلية انكمشت رويدا رويدا، مع هبوط قيمة عملتنا المحلية، فلم يفِ ما يستلمه شهريا بتغطية نفقات معيشة أسبوع واحد، فاضطر إلى أن يلحق أحد أبنائه، الذي لم يكمل الثانوية العامة، بالسلك العسكري ويدفعه للمشاركة في الحرب العبثية التي تفردت بمسلسلها الطويل والعفن، والتي تقف خلف جميع مشاكلنا وكل مآسي البلاد ومصائبها.

معلمي الفاضل، ليس من رجاحة العقل، ولا من سلامة النية، انقيادك الأعمى خلف ما تدعو إليه نقابة المعلمين الجنوبيين، التي سيطر عليها هوس الإضراب وتعطيل المدارس، وهي تعلم مدى الضرر الذي سيلحق مستقبل الطلاب، حيث إنه يزيد في عمق تدني مستواهم العلمي، فعليك أيها المعلم إعادة النظر في مسألة الإضراب، وترك الانفعال الذي قد يقودك إلى تصرف طائش، وعليك اتخاذ قرارا حكيما ومستقلا بفكر وتروٍّ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى