الدور المستقبلي للمجلس الانتقالي الجنوبي

> د. علي أحمد الديلمي

> أصبح من الواضح أنّ الشرعية ممثلة بالرئيس هادي وحكومته لم تعد تمتلك إلاّ صفة المراقب لما يحدث من تطورات وعدم قدرتها على التعامل معها.

والمتابع لطبيعة العلاقة بين المجلس الانتقالي والمملكة العربية السعودية يجد أنّ هناك تحوّلا جديدا يؤشّر إلى وجود مسارات جديدة في سياسة المملكة من خلال التعامل مع الواقع الحقيقي الموجود على الأرض، لأنّ الأحداث المستمرة في اليمن والمعارك التي تدور في مأرب ومناطق الجنوب هي إنتاج مستمر لعدم الاستقرار في اليمن ولطبيعة التحالفات السياسية مع السعودية، وهذا بطبيعة الحال يؤسس لوضع جديد ستكون أهم نتائجه:

أولاً: الحدّ من مخاوف السعودية من الدور التركي والقطري المتزايد بالتحالف مع الإخوان المسلمين في جعل اليمن وبالذات مناطق الجنوب وباب المندب أداة في تهديد أمن واستقرار السعودية.
ثانياً: تقسيم اليمن إلى مناطق نفوذ تتحكم فيها كيانات لها سلطة وأذرع مسلحة قريبة من الجيوش قادرة علي التحكم والسيطرة والاستقرار.

ثالثاً: تتعرض السعودية لضغوط دولية وأممية في سبيل إنهاء الحرب في اليمن ولعل ما تقوم به السعودية في الوقت الحاضر من تهيئة واضحة في تمكين المجلس الانتقالي من إحكام السيطرة على جنوب اليمن هو تحوّل في سياسة المملكة يعكس التزامها بتحقيق سلام نهائي وشامل، وإدراكاً منها بأنّه لا يوجد حل عسكري للصراع.

رابعاً: لا يزال الهدف المعلن الأساسي للسعودية دعم هادي في موقع الرئاسة وتثبيت سيطرته على كامل البلاد، لكن يبدو أنّ المملكة لم تعد تتمسك بشرعية هادي بسبب أنّ هادي وحكومته أصبحت عائقا ومشكلة للرياض أكثر من كونها مصلحة، وتسعى السعودية الآن إلى نشوء دولة في اليمن، موحّدة نوعاً ما، تستوعب الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب وكل المكونات اليمنية المؤثرة من أجل تحقيق السلام والخروج من الحرب من خلال المشاورات المكثّفة مع كل الأطراف القوية والمؤثّرة. كما أنّ استمرار المشاورات السعودية مع الحوثيين تعني أّن السلام سيضع حد للحرب في وقتٍ باتت فيه التكلفة السياسية والعسكرية والإنسانية للصراع غير قابلة للاستمرار أكثر فأكثر.

وبسبب العمليات العسكرية التي تدور منذ مارس 2015 يُعاني اليمن حالياً أسوأ أزمة إنسانية في العالم. فبحسب الأمم المتحدة قتل وجرح آلاف المدنيين ونزح مئات الآلاف من منازلهم كما يحتاج 22 مليون شخص أي 75 بالمئة من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم القادمة.

وتتفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في مدن اليمن بشكل متسارع يُسابق إيقاع الحرب التي تضرب البلاد منذُ أكثر من 4 سنوات. ومع انهيار الدولة وضعف الشرعية اتسعت رقعة الفقر والجوع بشكل كبير ينذر بكارثة إنسانية في اليمن على المدى الطويل.
أدرك السعوديون أنّ اليمن اختبار صعب بالنسبة لهم، وما حدث في الرياض مع رئيس المجلس الانتقالي يُظهر أنّ هناك سياسة سعودية تبلورها طبيعة الأحداث، ويبدو أنّ هناك إدراك أنّ الحرب في اليمن قد تجلب حالة من عدم الاستقرار في اليمن تصيب آثارها السعودية.
فهل هذه الخطوة من قبل السعوديين بداية للتركيز علي الحل السياسي الشامل والحد من تزايد نفوذ بعض القوى التي تناصبها العداء والبدء في إجراء التسوية الشاملة والتعامل بواقعية سياسية؟ هذا ما سُتظهره الأحداث المقبلة.

"سوث24"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى