محمد العاقل القحيم ذاكرة تمتد لأكثر من سبعين عاماً.. وحديث عن تاريخ الثورة

> تقرير/ أحمد يسلم

> وصلت إلى جعار وفيها 3 بيوت فقط
نقلنا أسلحة من البيضاء إلى يافع لدعم ثوار ردفان بإشراف المصريين
يمكث لساعات كل صباح أمام داره العتيقة على مقعد بلاستيكي متأملاً حركة المارة والعابرين في شوارع المدينة التي شهد بدايات تأسيسها.
يحتفظ المواطن محمد أحمد العاقل القحيم بذكريات تأسيس اللبنات الأولى لمدينة جعار أو خنفر كما يسميها ويمتلك ذاكرة قوية عن تخطيط المدينة وتطورها منذ قدومه إليها في العام 1948م.

يقول الوالد الرجل المسن الذي التقيناه أمام منزله في حديثه لـ«الأيام»: دخلت هذه المدينة (جعار) عام 1948م، وصلت إلى هنا سيراً على الأقدام من منطقة العرقة ذي ناخب بعد وفاة والدي رحمه الله، باحثاً عن عمل وعن مصدر للرزق، وكانت الأوضاع صعبة جداً والحياة بسيطة".

ويضيف: "وصلت إلى هنا من مدينة عدن سيراً على الأقدام في رحلة شاقة. كنا نرافق القوافل التي تذهب إلى عدن من يافع أو تأتي من بيحان شبوة ومرخة عبر يافع وصولاً إلى عدن محملة بالملح الصخري من جبال عياد عبر طريق يصل إلى ذي ناعم، ومنها إلى العرقة مسقط رأسي وصولاً بين الواديين سرار، ثم نقيل مسكبة حطاط ومنها إلى باتيس فجعار فالخاملة فعويدين، ومنها إلى الشيخ عثمان بعدن".

مضيفاً: "كان هناك طريق آخر يصل إلى باتيس، ومنها إلى جعار فالمخزن فالخاملة، ومنها إلى ساحل العلم، وكانت هناك (مقهاية عطا) تبيع التمر والقهوة فقط لأصحاب القوافل".

ويستحضر ذكرياته في رحلته إلى عدن قائلاً: "كنا نصل إلى (باب السلب) (بوابة عدن التاريخية)، وهناك نترك أي سلاح (أبيض أو ناري)، ثم نتسوق في أسواق كريتر عدن منها سوق الملح، سوق الطعام، سوق البهرة، ثم إذا حان موعد أذان المغرب تخرج القوافل محملة إلى موقع (المبات) حالياً (موقع شركة النفط بالمعلى) لتستعد القوافل للانطلاق باتجاه الطريق البحري، ومنها باتجاه طريق العودة وساعةً الانطلاقة من (المبات) عادة عند الساعة الثانية فجراً.

وعن المواقف المحزنة وذكريات المعاناة وصعوبة الحياة يقول العاقل كنا نشتري (الكار) وقماشاً أبيضاً يستخدم كفن للموتى، وكان يمنع خروجه من مستعمرة عدن ويتم تهريبه، ويكفي المرء يشتري متراً واحداً فقط ليقسمه نصفين لباساً لنصفه الأسفل، وكانت المرأة تلبس من ذات الكار ويسمى ثوب (بركالة)، لكن بعد صباغته بمادة نيلية. وكانت بيحان وشبوة مصدر تلوين الكار والمنسوجات التي يتم جليها مع قوافل الجمال القادمة إلى يافع وعدن، ولحج، كما أسلفت.

وعن ذكرياته وأسفاره مع القوافل يقول: "حددت أجرة حمولة الجمل 16 فراسلة من الدرجاج والحصن ويرامس إلى العرقة 12 قرش مارياتريزا.

ثم نعود إلى جعار التي دخلتها، وفيها ثلاثة بيوت فقط بيت عوض علي وكردي والمنصب في 1/ 1/ 1950م. والتحقت عاملاً ميكانيكاً في لجنة أبين ومن مؤسسيها الإنجليز ميجر كوندن، مستر كار، ثم المستر بنس، كلنس، واشترك في تخطيط مدينة جعار مهندسان إيطاليان هما مستر توني، مستر جسبري، والألماني مستر شلاتوه، ويقال إن هؤلاء الثلاثة الإيطاليان والألماني من رعايا بلدان الضد لمعسكر الحلفاء ارادت بريطانيا الاستفادة من خبراتهما ثم الاحتفاظ بهما إلى ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

يتحسر الرجل المخضرم على حال التخطيط وانتشار البناء العشوائي وسوء الخدمات في مدينته قائلا: "تخطيط الشارع الرئيس لمدينة جعار كان عرضه 60 متراً لكن اليوم بسبب العشوائية لم يعد حتى بعرض 30 متراً، وجعار خططت تخطيطاً هندسياً راقياً بما فيها شبكة صرف صحي كمدينة راقية طالها اليوم العشوائي بصورة مذهلة ومخجلة.

عمل القحيم في شق الطرقات عاملاً مستذكراً شق طريق زنجبار شقرة وطريق شقرة العرقوب وصولاً إلى امعين، ومنها أيضاً إلى لودر فمكيراس.

يقول القحيم: "كنت ضمن فريق شق عقبة ثرة لأول مرة أيام الإنجليز تحت إشراف مستر شربسن والمهندس ليود، مابين عام 1960 - 1961م، ومن زملائي الذين أتذكرهم عبدالغفور متاش من ذي ناخب والسيد علي والسيد محمد من مكيراس، ومما يتذكره أن منارة جامع جعار أشهر معالم أبين مع منارة الحصن أشرف على تصميمها الإيطاليان مستر سبردوني، مستر توني 1955م ونفذها المعماري المعروف عبدالله محمد الصلاحي، ويقول أول من أدخل سيارة إلى جعار بن متاش والسيد سالم من شقرة عام 1948م كانت تسمى دوش، وهوستن.

في عام 1955م سافر القحيم إلى عدد من بلدان الخليج
يقول القحيم: عملت في قطر لمدة سنة واحدة فقط براتب 36 روبية هندية وهي ماتزال عششاً وصحراء، وفيها معالم فقر شديد كما عملت متنقلاً في أبو ظبي ورجعت إلى البحرين ودخلت عمان في عام 1957م وعملت سائقاً لسيارة بيدفورد أنقل التمر من الباطنية بعمان إلى الشارقة، وكانت حالة البشر هناك يرثى لها تجد الناس هناك في حالة بؤس، وكانت عدن يومها مدينة مزدهرة وكل دول الخليج تستورد بضائعها من مدينة عدن.

يضيف: "عندما كنا نقول نحن من عدن كانت عدن بالنسبة للخليجيين أمنية وحلم يتمنون زيارتها.

يقول العاقل القحيم وهو يسرد ذكرياته عبر «الأيام»:
إلى جعار عقب العدوان الثلاثي 56 على مصر، وحينها أحرقنا مكتب الضابط السياسي البريطاني في جبل خنفر المستراير.
قائلاً: "عقب انطلاق ثورة 14 أكتوبر كنت من الذين نقلوا الأسلحة من البيضاء إلى السويدا بيهر لدعم ثوار ردفان بإشراف أحد القادة المصريين اسمه صلاح سالم.

عقب الاستقلال
ساهم القحيم من خلال عمله سائق تراكتور في تأسيس طريق السيلة البيضاء - سلب - حمة ثم نقيل الخلا - الحد. طريق حطاط كطرق أولية لغرض إدخال السيارات لأول مرة إلى مناطق يافع الحد. وكانت تكلفة عقبة فلاحة حطاط 400 ألف دينار أنجزناها بسنتين في منتصف السبعينات، وبعد إنجاز نقيل الخلا.
سالته عن أي ذكريات أخرى فقال: "سافرت الهند بعد أن تعرضت لإصابة جراء انفجار عبوة ديناميت ومكثت فيها 4 أشهر كانت فاتورة العلاج 60 ألف روبية هندية، وصادف زيارة م. حيدر العطاس وهووزير الأشغال يومها إلى الهند قابلته وشرحت مشكلتي، فقال لي سياتيك الرد عبر القنصلية وفعلاً بعد يومين سددت القنصلية فاتورة العلاج.

قصتي مع الحاج دفاريش
من المواقف الطريفة أنني تعرفت في الهند على الحاج دفاريش وهو ذلك الرجل الذي قتل مع رئيس العربية اليمنية الغشمي في حادثة الحقيبة الدبلوماسية.

78م سافر قبلي بشهر إلى عدن، وكنت قد أخذت مجموعة درازن من أحذية الأطفال والشباب، ولأن نظام الجمارك كان شديداً نصحني أحدهم أن أقسم الكمية على دفعتين إحداها ستكون مع دفاريش طبعاً. أوكلت المهمة لعامل هندي اكتشفت فيما بعد أن الهندي كرتن حذاء الرجل اليسرى بكرتون واليمني بكرتون آخر. المهم أعطيت دفاريش كرتوناً، وبعد شهر سافرت ومعي الكرتون الآخر، وعند وصولنا المطار فتش ضابط الجمارك الكرتون، وكتب ضريبة الجمارك، لكن بعد فتحه للكرتون وجد أنها أحذية لقدم واحدة فاستغرب، قلت: "خدعوني الهنود أتلفوها قال: "شلها لنفسك واتلفها بنفسك مررت على (دفاريش) وسلمني ما بحوزته، وعرفت أنه مرر الكمية دون جمارك. فيما بعد كونه يحمل جواز سفر خاص".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى