هل ينسف التصعيد الحوثي الأخير في الحديدة اتفاق "ستوكهولم"؟

>
تواصل القوات اليمنية المشتركة، المسنودة من قوات التحالف العربي، تصديها لأعنف الهجمات التي تشنها ميليشيات الحوثيين على مناطق متفرقة من محافظة الحديدة، منذ توقيع اتفاق ستوكهولم أواخر عام 2018 بين الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثيين، في تصعيد خطير يهدد بنسف الاتفاق الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وتحاول ميليشيات الحوثيين، منذ مطلع الشهر الجاري، تحقيق أي مكاسب ميدانية في محافظة الحديدة بشكل مستميت، يصفه البعض بالـ“انتحاري“، من خلال شن هجمات مكثفة على مواقع القوات اليمنية المشتركة في مديريات: الدريهمي، حيس والتحيتا، غرب وجنوب مدينة الحديدة، إلى جانب هجماتها على مواقع القوات المشتركة في ضواحي مدينة الحديدة، مركز المحافظة، بشكل غير مسبوق منذ عامين، وفي تحد صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وانطلقت هجمات ميليشيات الحوثيين، أواخر الأسبوع الماضي، في مديرية الدريهمي، في الجنوب الغربي من مدينة الحديدة، في محاولة لفك الحصار على عدد من مقاتليها المحاصرين من قبل القوات المشتركة في مركز المديرية، منذ المشاورات اليمنية التي استضافتها السويد، إلا أن هذه الهجمات قوبلت بالتصدي العنيف، لتمتد رقعة المواجهات الضارية إلى عدد من مناطق المحافظة، بعد أيام من الاستعداد والتحضير قضتها الميليشيات في الحشد وإرسال التعزيزات تمهيدا لهذه المعركة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بالعشرات من الطرفين.

”صمت مريب“

ودعا وكيل محافظ محافظة الحديدة، وليد القديمي، قيادة الحكومة اليمنية، إلى تحرك فوري، لإيقاف ما أسماها بـ“مهزلة“ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، وحماية أبناء المحافظة من أسوأ كارثة إنسانية، إثر انقلاب ميليشيات الحوثيين على اتفاق ستوكهولم.

واستغرب القديمي، في تصريح نشرته وسائل إعلام محلية، أمس الأربعاء، من ”الصمت المريب“ من قبل غريفيث، ورئيس البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار، الجنرال أبهيجيت غوها، على ممارسات ميليشيات الحوثيين في الحديدة.

وقال الوكيل الأول لمحافظة الحديدة إن تجاوز ميليشيات الحوثيين لاتفاق ستوكهولم ”يكشف مدى الفشل والضعف والتهاون التي يمارسها المبعوث الأممي تجاه الانتهاكات والجرائم الحوثية في مختلف المحافظات، ويأتي كنتيجة لمواقفه الهزيلة إزاء هذه الانتهاكات للقرارات الأممية“.

واكتفت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ”أونهما“، الاثنين الماضي، بمطالبة جميع الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى الآليات المشتركة التي تم إنشاؤها على مدى العامين الماضيين، لتجنب تعرض السكان لمزيد من الخطر.

وحمل وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، ميليشيات الحوثيين مسؤولية استمرار هذه الخروقات التي تأتي كمحاولة لتغطية انكسارها وفشلها في جبهات محافظات مأرب والجوف والبيضاء، وتبعات إفشال اتفاق الحديدة.

وأكد الحضرمي، خلال اجتماعه الثلاثاء الماضي، عبر الاتصال المرئي، مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، جيمس كلفرلي، قدرة قوات الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي، واستعدادها لتحرير ما تبقى من المحافظة.

تمهيد للحل الشامل

وعلى مدى العامين الماضيين، تعددت خروقات الميليشيات الحوثية لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، وحصدت أكثر من 2574 مدنيا بين قتيل وجريح، طبقا لإحصائية نشرتها القوات اليمنية المشتركة، إلا أن الهجمات الأخيرة من قبل الحوثيين، كانت هي الأعنف منذ اتفاق ستوكهولم بين الأطراف اليمنية عام 2018.

ويقول رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية، حسين حنشي، إن تحركات الحوثيين في الحديدة دقيقة، ترتبط بحسابات غير ميدانية ولا عشوائية، ”فهم حريصون على اتفاق السويد أن يبقى في حدوده الشكلية على الأقل، لهذا فإن معركة بهذا المستوى لن يقدموا عليها إلا إذا كان هناك اطمئنان لموقف المجتمع الدولي، وتحديدا الأمم المتحدة وممثلها في اليمن“.

ويشير حنشي، في حديثه الخاص لـ“إرم نيوز“، إلى أن هجوم الحوثيين يأتي في ”توقيت تتزامن فيه عدة تحركات، ويمكن ربطها بالرسالة التي أرسلتها قيادات إخوانية للمجتمع الدولي، تطلب فيها اتفاقا حول مأرب، يوقف هجمات الحوثيين عليها، كالاتفاق حول الحديدة، إضافة للاجتماع الدولي بقيادة ألمانيا في مقر الأمم المتحدة الذي صدر عنه بيان الضغط للحل الشامل، ثم أتى بعده التحرك الأوروبي للضغط على الأطراف لإقرار الإعلان المشترك الصادر عن المبعوث الأممي غريفيث، والذي رفضته الشرعية، وهو خطة للسلام الشامل بعيدا عن المرجعيات، ووفقا لإفرازات الحرب“.

ولم يستبعد رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية أن تكون مساعي المجتمع الدولي رامية إلى إبقاء ”مناطق نفوذ للقوى، إذ تم رفض دخول الحوثيين إلى مأرب، وجرى الضغط عليهم للتراجع في محافظة مأرب لبقاء تلك المناطق تحت سيطرة إخوانية، وقد صرح غريفيث بذلك، من خلال قوله: إن دخول الحوثيين إلى مأرب سينسف العملية السياسية الشاملة“.

ولفت إلى أن الهجوم الحوثي العنيف في الحديدة، وتزامنه مع كل تلك السلسلة المترابطة ”يبدو في إطار ترك رقعة في شرق صنعاء ومأرب والجوف للإخوان المسلمين، مقابل ضم رقعة أخرى في الساحل الغربي (الحديدة)، كنوع من التمهيد لمشهد الحل الختامي للأزمة اليمنية“.

أداة حوثية

من جهته، يرى وكيل وزارة الإعلام اليمنية، نجيب غلاب، أن ميليشيات الحوثيين تنظر إلى معركتها في الساحل الغربي، كمعركة مركزية لا يمكن التراجع عنها، ولم يكن اتفاق ستوكهولم إلا طريقا لإنقاذها، وتابع ”هذا ما حدث فعلا، فالاتفاق لم ينفذ منه شيء سوى تحقيقه للأهداف الحوثية واستعدادهم للمعركة“.

وقال غلاب، في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن الإعاقات الحوثية لتنفيذ هذا الاتفاق، واستمرارها في خرق وقف إطلاق النار منذ توقيعه، جعلت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ”على قناعة أن الحوثيين يسيرون وراء مخططاتهم، وأن اتفاق ستوكهولم تحول إلى أداة، ومن المؤكد أن المشرفين عليه يشعرون بالمرارة، خاصة أن الحوثيين يتعاملون مع الاتفاق كأداة ليس إلا، وهذا الأمر ربما يسهم في ترك القوات اليمنية المشتركة، تدافع عن نفسها وتضغط عسكريا بما يضعف الحوثيين، ويضعهم أمام أمر واقع لا مفر منه، إما التنفيذ الجاد، أو تحمل مسؤولية تلاعبهم وخداعهم“.

وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة الداعمة لاتفاق الحديدة ”لم تنتج شيئا ذا أهمية تذكر، غير تحولها إلى مسار يعطي الأمل دون أن تحقق شيئا، وهي وقعت في فخ الحوثيين، وأوقعت معها المهتمين في مجلس الأمن، وتمكنت عمليا من تحويل اتفاق ستوكهولم إلى أداة لفرض سلطة أمر الواقع الحوثية، وتمكينها من تحويل الاتفاق إلى درع لحمايتها في الحديدة، وشرعنة وجودها وتبرير أهدافها بطريقة غير مباشرة، مكنتها من تحريك جبهاتها الأخرى، والاستعداد لمعركة الساحل الغربي“.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى