ردفان.. مدينة بدون شوارع ولا خدمات

> كتب/ عبدالقوي الأشول

> لماذا غاب التخطيط وحلت العشوائية؟
قبل سنوات كانت مديرية ردفان أو سهول الحبيلين شبه خالية من الحياه إلا من سوق تجاري بمحلات متواضعة، والحال سريعاً ما تبدل حين أتت موجات بشرية من المناطق المرتفعة المحاذية لردفان ويافع وحالمين، ما شكل مكوناً سكانياً كبير العدد، الحال الذي نشطت معه حركة الإعمار. لكن إن صح القول، فهي حركة عشوائية للأسف رغم المباني الشاهقة والمتنوعة، ومليارات ما أنفقت في سبيل إقامة تلك المساكن. فعلى امتدادات سهلية شاسعة تكونت المدينة التي تتوسع يوماً بعد آخر بصورة مدهشة حتى أنها أخذت تشمل السهول والمناطق المجاورة والأراضي الزراعية.

حركة إعمار مستمرة وتوسعات هي في طريقها، لتشكيل مدينة واسعة الأرجاء مترامية الأطراف، إلا أن العجيب والغريب افتقارها للتخطيط المسبق فلا شوارع تذكر إلا من طرقات لا تتعدى في أحسن الحالات عشرة أمتار، وأقل من ذلك في كفة الأحياء الداخلية. فلمجال للأرصفة والجولات والشوارع الفسيحة صور متناقضة يمكن معرفتها من الوهلة الأولى، للمدينة التي اتخذت طابعاً مشوهاً سوف يكلفها الكثير في المستقبل عند حد الخدمات، ناهيك عن مخاطر الطرقات الضيقة المحاذية مباشرةً للمنازل. إذن لماذا لم يلازم التخطيط التوسع الرأسي والأقصى للمدينة؟. في تقديري أن غياب ذلك أتى في نطاق عدم الاستقرار الذي نعيشه حتى أن الإدارة المعنية بالتخطيط لم تضع نموذجاً مسبقاً لتوسع المدينة. كما أنها تجيز أعمال البناء كيفما كانت وأينما كانت دون مراعاة للشوارع والمتنفسات التي تخلو من معالمها المدينة الجديدة للأسف.
هكذا تبدو المدينة الاستثناء في مواصفاتها المشوهة
هكذا تبدو المدينة الاستثناء في مواصفاتها المشوهة

ففي قلب المدينة يشهد الوضع عند كل ساعات الذروة على الطريق العام إرباكاً شديداً في الحركة وحال زحام وفوضى مرورية، ما يجعل المسافرين يشعرون بالضيق جراء تلك الأوقات التي يلزمهم قضاؤها في ذلك الزحام، فما بالنا حين يكون على متن سيارة النقل بعض المرضى ممن يستدعي نقلهم بسرعة.
وهنا نسأل: هل تستمر المدينة في توسعاتها الراهنة ملتزمة نمط العشوائية التي تجعل إنفاق المليارات في البناء هباءً بحكم غياب التخطيط؟. فلا شوارع ولا متنفسات ولا مواقف لتلك العمارات التي يبلغ طول بعضها خمسة أدوار، ناهيك عن غياب المشهد من أي أماكن عامة وملاعب نحوها.

ثم ما هي الحكمة من عدم تلافي الوضع خصوصاً في مناطق البناء الجديدة، بحيث تخضع للتخطيط رغم أن إعادة النظر في الوضع ممكنة إلا أن لا بوادر فعلية على هذا الصعيد.
فسوء التخطيط أو غيابه سوف يلقي بظلاله على مستقبل المدينة التي تفتقر حالياً لخدمات المجاري العامة، ما يجعل انتشار الأمراض والأوبئة فيها خطراً يهدد حياة السكان.

فالمدينة حسب وضعها الراهن تفتقر إلى كافة أنواع الخدمات، فلا مجال للحديث عن مساحات تركت للتشجير حتى تخفف من حرارة الصيف في حين أن لا أراضي تترك لبناء المدارس والمستشفيات والخدمات الأخرى، وما نعنيه بالتخطيط الحضري ليس إجازة العشوائي على نحو ما يجري، فالمسؤولية تقتضي وضع التصور المسبق لأي مدينة تنشأ، والتخطيط على أساس ذلك لا بد أن يلتزم ضوابط ومعايير تمنع ظهور مدن مشوهة، إلا إذا كنا بصدد ظهور مدينة مختلفة عن المألوف نجد أنفسنا أمام معالجات لا تنهي إلا أوضاعها المتداعية وخدماتها التي لم تكن بحال أفضل حتى مع ما تبذل من جهود في سبيل ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى