المراقب السياسي.. حكومة الجنوب والشمال فاشلة سلفاً

> كتب/ المراقب السياسي

>
تشكيل الحكومة.. من تكنوقراط إلى محاصصة!
استمرأ السياسيون اليمنيون والجنوبيون حالة الفشل التي يعيشون داخلها دون أي حياء من مواطنين يدعون أنهم يمثلونهم، أو من العالم الذي أصبح ينظر إليهم شذراً، وبلا أدنى قيمة احترام.

مرت حتى اليوم 358 يوماً منذ التوقيع على اتفاق الرياض الذي نص على تشكيل الحكومة، وفض النزاع خلال 30 يوماً وهو ما لم يحدث، ثم أتت آلية التسريع أو كما يسميها الساسة اليمنيون (الرياض 2) في نهاية يوليو 2020، وأيضاً حددت فترة 30 يوماً وهو أيضاً ما لم يحدث.

يتم تسريب العديد من الأسباب لتعثر تشكيل الحكومة، كان أكثرها سخفاً أن ما تبقى من مقاعد لأحد الأحزاب لا يليق بأحد مرشحيه، وبالمناسبة فالمرشح الهام نفسه كان قد قبض عليه "بعدم حسن السيرة والسلوك" قبل ثمانية أشهر، وتستمر الأحزاب اليمنية في الصراع للمحاصصة وهي أحزاب لا وجود لها بين أبناء الشعب في الداخل، ولا تستطيع تقديم شيء سوى الفساد.

إن أكبر خرق لاتفاق الرياض هو تحول تشكيل حكومة تكنوقراط التي ينص عليها اتفاق الرياض إلى حكومة محاصصة، وهو ما سيغرق اتفاق الرياض عاجلاً أم آجلا، ولكم في المحاصصة مثال يا أولي الألباب، فهناك حكومة لبنان انظروا ما فعلت المحاصصة بها وبلبنان.

أعضاء المجلس الانتقالي متواجدون في الرياض منذ سبتمبر 2019م حتى اليوم، أصبحوا هم أيضاً جزء من حكومة الفنادق.. فلا عمل لهم سوى القعود في الفندق بانتظار أن يقابلوا فلاناً أو زعطاناً.

ارتكب المجلس الانتقالي أخطاء عدة في سياق مسار الرياض:

1. جعل الرياض هي ساحة الانتظار حين كان من المفترض أن تكون عدن هي ساحته الأولى والأخيرة.

2. ارتضى بالآلية التي حددتها الرياض للتفاوض مع الخَصْم وهي آلية فضفاضة لا يعرف بموجبها ما الذي يحدث على الطرف الآخر.

3. كنتيجة لما سبق تم الضغط على المفاوض الجنوبي بشكل مستمر لتخفيض مستوى مطالبه وهو ما حصل بالفعل.

4. كسب المجلس الانتقالي اعترافاً دُوَليّاً، لكن إعلان جريفيثس المشترك كفيل بتدمير هذا الاعتراف حال توقيع الشرعية والحوثيين عليه.

5. خسر المجلس الانتقالي حصة تمثيل النصف عندما وافق على أن تنال المكونات السياسية غير المتواجدة على الأرض مقاعد من حصة الجَنُوب.

6. خسر المجلس الانتقالي نسبة كبيرة من داعميه بسبب تأخر الاتفاق وعجزه عن خلق واقع جديد على الأرض، بالإضافة إلى خطأه الكبير في التنازل عن الإدارة الذاتية.

7. ويبدو أن الفخ الذي وقع فيه الانتقالي والخسائر التي مني بها كانت نتيجة لخطأ أكبر، وهو السرية المفرطة في تعامله مع القضايا المصيرية، فلم يشرك أي من أعضاء رئاسة المجلس ولا مستشاريه السياسيين المتواجدين في عدن والقاهرة، مع أنّ الاجتماعات تسرب أول بأول بعدة طرق إلى عدن والقاهرة وعواصم أخرى، والنتيجة أنه استطاع مفاوض شرعية من توسيع مجال مناوراته، وكسب مدة زمنية أطول والتغلب على مفاوض الانتقالي الذي لم يكن لديه أي مناورات سياسية ذات قيمة بسبب افتقاره إلى الاستشارات وغياب فريق استشاري مرافق في مثل هذه الحالات المتعارف عليها في التفاوض.

وكان قد تم اقتراح ضم فريق استشاري ضمن الوفد المفاوض على المجلس الانتقالي قبل بَدْء المفاوضات، لكن بسبب شخصي بحت تم شطبها من أحد أعضاء الفريق المفاوض الذي اعتقد أنه سيكون البطل القومي القادم للجنوب، وها هو قد أغرق المجلس الانتقالي في أول اختبار، وقد يكون الأخير إن لم تتداركه قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، لأن عنصر الوقت هو المرتكز الرئيس على الأرض سياسياً وعسكرياً.

8. ومما تكشف مؤخراً بطريق الصدفة أن رئاسة الجمهورية لديها عين داخل المجلس الانتقالي يوافيها بكل المعلومات أولاً بأول، وهو اختراق جديد للشرعية داخل الانتقالي، والسبب في هذا الاختراق هو المحسوبية والفساد ليس إلا.

إن الأخطاء السياسية لا ترحم الشعوب، واستمرار المجلس الانتقالي على هذا الطريق سيؤدي بالمجلس إلى الزوال أو تحويله إلى مكون ثانوي، وهي خسارة كبرى للجنوبيين الذين استثمروا ثلاث سنوات عجاف دعماً للانتقالي.

وبالنظر إلى العجز الحاصل عن تشكيل الحكومة ومراوغة الأحزاب السياسية التابعة للشرعية، وكلها ألعاب في لعبة واحدة تهدف إلى إشعال غضب شعبي ضد الانتقالي في الجنوب فقط دون أي شيء آخر.

وسياسة الانتظار في الرياض هي خطأ كبير يجب تصحيحها الآن، على المجلس الانتقالي العودة إلى عدن بأقصى سرعة والاستعداد للقادم، والعودة إلى عدن لا تعني استعداء الشقيقة والجارة الكبرى المملكة العربية السُّعُودية بقدر ما هي احترام الالتزامات التي قطعها المجلس على نفسه تجاه الشعب والمملكة والإقليم والمجتمع الدولي.

فالشعب يريد أن يرى سياسييه يعيشون الضنك معه في نفس البلاد لا أن يكونوا منعمين في بلدان أخرى غير آبهين بما يحدث للشعب في الداخل، وهو ما جبلت الشرعية ووزراؤها عليه.

وعلى المجلس الآن مسؤولية تصحيح الأخطاء التي وقع فيها، فعدم تشكيل الحكومة يفتح الباب على مصراعيه لمراجعة بعض تلك الأخطاء، وهو ما سمح به الخَصْم عندما لم يلتزم بالتنفيذ.

وعلى المجلس أيضاً مسؤولية تهذيب أعضائه من الفجور في العداوة تجاه الخصوم السياسيين من أبناء جلدتهم، ومنها التخوين وتوزيع صكوك الوطنية والدخول في إصلاحات جادة قبل فوات الأوان.

* سؤال إلى رئاسة الانتقالي هل المجلس اليوم قادر على فتح أبواب الحُوَار مع الحوثيين في الشمال؟
ونصيحتنا إلى الدول الراعية ودول الرباعية على وجه الخصوص هي كالتالي:
  • يجب تشكيل الحكومة من تكنوقراط بعيد عن المحاصصة، فلا فائدة ترجى من حكومة محاصصة.
  • يجب التفكير في بديل للنظام السياسي وشكل الدولة في اليمن، فالموجود لا يملك القدرة على انتشال الجنوب أو الشمال من محنه.
  • يجب التفكير في تقوية الانتقالي في الجنوب، فلن يبق سوى الانتقالي جنوباً والحوثيون شمالاً على أرض الواقع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى