امرأة على الرصيف

> لفتت انتباهي حفيدتي ذات الخمسة الأعوام حين تسمرت قدماها بالأرض لافتة إلى تلك المرأة التي تنام على الرصيف في الشارع الطويل كريتر، كان الوقت يقترب من المساء والناس تمر بجانب تلك المرأة التي تغطيها عباءتها السوداء وهي مرمية على الرصيف، سألتني صغيرتي ببراءة هل هي حية أم ميتة؟ قلت لها ربما نائمة.
كان المنظر مؤلماً للغاية إلا أنه لم يلفت اهتمام أحد، ولا أعلم ما حال تلك المرأة المسجاة على الرصيف، سألت نفسي ماذا يترك مثل هذا الحال من انطباع في ذاكرة أطفالنا؟ هل تجدهم يتعايشون في المستقبل مع مثل هذه الحالات ولا تحرك مشاعرهم الإنسانية على اعتبار أنهم تربوا في ظل هذا الواقع؟

أرغمت حفيدتي الصغيرة على ترك مشاهدتها لتلك المرأة وحاولت التغيير من ذهولها بالحديث عن أشياء أخرى وما تريد من ألعاب، إلا أنها كررت سؤالها البريء قائلة جدو ليش ينام الناس بالشارع؟ قلت لها لا ربما تلك المرأة مريضة، ولم أزد.
وما أن مضينا بضع خطوات في نفس الشارع حتى تفاجأت بمنظر مؤلم لشاب يعاني من مرض عقلي وهو مجرد من الثياب تماما، وقف بعض الشباب لأذيته للأسف ولم يكلف أحد حاله بستر عورته، ولم أجد بداً في تلك اللحظة من المضي بصغيرتي بعيداً عن ذلكم المنظر المؤلم.

أمور بعثت تساؤلات عدة، بداية بمسألة موت الضمير الإنساني وتعايش الناس مع تلك الظواهر كما لو أنها أمر طبيعي، ثم بحال هؤلاء البؤساء ممن رمتهم صروف الحياة وجعلتهم يعيشون على هذه الحال المؤلمة، ونهاية بغياب أي جهات يمكنها التعاطي مع ذلك، فلا مصحات عقلية تستوعب من يعانون من الأمراض العقلية ولا ملاجئ عجزة تستر حال نساء انقطعت بهن السبل وبتن في مرمى نوائب الدهر وتقلباتها.

هذا يحدث للأسف الشديد في مجتمعات مسلمة لا تكف أصوات مآذنها عن الذكر وأحاديث الوعظ عن التراحم والتكافل الاجتماعي.
أي انطباع تترك مثل هذه الحالات عن إنسانيتها؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى