غياب الأمن وتفشي الفساد وانتشار المخدرات وراء جرائم القتل والاختطافات "تقرير"

> رصد/ عبدالله الظبي

> محافظة أبين من المحافظات التي لم تشهد استقراراً منذ الاستقلال، إذ بقيت على مدى عقود طويلة ساحة للصراع، وعمد نظام صنعاء على إذكاء الثارات بين أبنائها، وتسبب ذلك بتراجع المحافظة في مختلف الجوانب التنموية.
صحيفة "الأيام" التقت بعدد من الشخصيات الاجتماعية والمتخصصين والمواطنين، والذين تحدثوا عن معاناتهم مع تزايد الفلتان الأمني، واستمرار أحداث العنف والاغتيالات المؤسفة والجرائم التي حصلت في الآونة الأخيرة، والتي تسببت بإزهاق العديد من خيرة الشباب.

ظاهرة دخيلة علينا
وتقول نجوى محسن، اختصاصية اجتماعية: "بدأت الاغتيالات والتقطعات والانفلات الأمني بصورة كبيرة في الانتشار قبل سقوط الدولة في 2011م، وكانت تستهدف رجال الأمن ومسؤولين في السلطة، وتعزز هذا السلوك بعد فتح السجون لعدد من المجرمين والعناصر الخطرة الذين لم تتم معاقبتهم، ولم تقم السلطات بملاحقتهم بعد ذلك نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في البلد عامة وأبين خاصة".

وأضافت: "تحول المجرمون الهاربون من السجون إلى قادة عصابات تمارس الإجرام والتقطع وتصفية كل شخص وقف في طريقهم أو له مشكلة معهم، واشتغلوا بأعمال غير قانونية مثل التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة، والأخطر من هذا أنهم استقطبوا عدداً كبيراً من الشباب المراهقين، وزرعوا فيهم ثقافة العنف والقتل والاختطاف".

وتابعت حديثها: "ليس هذا فحسب، لكن خلال الحربين الأخيرين بدأت تتشكل عصابات، وأثرت على الجيل هذا، والمضحك المبكي أن نرى شاباً صغيراً ينتمي إلى عصابات الإجرام يستقطب شخصاً أكبر منه إما من أسرته أو من المجتمع، والسبب في هذا يعود إلى قدرة تلك العصابات على توفير المال والسلاح لكل من ينضم إليهم، وبعدها تكليفه بتنفيذ عمليات القتل والخطف حتى التشويه كما نسمع ونشاهد".

وأضافت: "بالنسبة لي أنا كاختصاصية اجتماعية عندي أكثر من حالة لأطفال صغار وُجِّهت لهم تهم بتنفيذ أعمال يعاقب عليها القانون، وهم ينضوون في عصابات كبيرة تشتغل في القتل والتهريب وغيرها لأسباب الفقر، وقلة الوعي المجتمعي، وغياب رقابة الأسرة، علاوة على ذلك انهيار المبادئ والقيم الأخلاقية، وكذا ضعف الوازع الديني، وغياب الدولة، ووجود بيئة حاضنة لتلك العصابات داخل بعض المناطق، إضافة إلى انتشار الثقافات المختلفة، والانفتاح على العالم وتسويق العنف والسماح للأطفال بمشاهدة كل عنف يقتل الإنسانية داخلهم، أدى إلى إنتاج جيل عنيف، ونتيجة لغياب دولة القانون وغياب العقوبات التي يفترض أن تطال كل شخص ارتكب فعلاً مخالفاً للقانون، وكذا ضعف دور أجهزة الشرطة".

وتابعت حديثها: "اليوم يجب علينا أن نشتغل بكل الاتجاهات لزيادة وعي المجتمع ومراقبة سلوك أبنائنا، وعمل كل ما نستطيع داخل المجتمعات المحلية، لمواجهة ثقافة العنف التي قتلت كل شيء جميل داخلنا".

انعكاس للأوضاع العسكرية والأمنية على الأرض
من جهته، قال الشيخ فيصل بلعيدي المرقشي: "بالنسبة للاختطافات لا توجد تأكيدات تثبت ما لا يدع مجالاً للشك حول حدوثها. ما هو موجود روايات لا أكثر، ولا يوجد تأكيد لوقوعها إلا ما ندر".

وتابع حديثه قائلاً: "أما الاغتيالات فهي تعتبر حوادث جنائية وانعكاساً للأوضاع العسكرية والأمنية على الأرض، وانتشار العنف ووجود السلاح، وأيضاً هناك تأثيرات بسبب انتشار المخدرات والحشيش والأجهزة الأمنية تعمل لكن ليس بالمستوى المرجو، وأيضاً هناك تعاون من القوات المتواجدة على الأرض أسهم في تسليم بعض من ارتكبوا جرائم في زنجبار وضواحيها، وفي نفس الوقت نأمل إيجاد تعاون أوسع بين الأجهزة الأمنية والعسكرية لضبط الأمن وملاحقة مروجي ومتعاطي الممنوعات، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والشخصيات الاجتماعية للحد من الحوادث الأمنية، والإبلاغ عن أي ظواهر تقلق أمن وسكينة المجتمع".

ضعف الوازع الديني
من جانبه، قال سالم أحمد العلهي في حديثه: "ضعف الوازع الديني لدى بعض الأشخاص، إضافة إلى انتشار المخدرات بشكل كبير، حيث أصبحت هذه المخدرات في متناول بعض الشباب، وهذا ما نلاحظه في عملية الاغتيال والقبض على الجاني، وأثناء التحقيق يتبين أن القاتل كان تحت تأثير المخدرات، وكذلك انتشار الأسلحة، حيث يؤدي ذلك إلى انتشار الجريمة في المجتمع".

وأضاف: "لم تغب الأجهزة الأمنية، بل كانت سباقة في اكتشاف الجرائم، وخاصة ما حدث في مناطق متفرقة في أبين، منها اغتيال الشهيد الحميقاني والحدي، وكذلك القبض على من قام باغتيال ابن د. السعدي، فلا نقلل من دورهم أبداً. وكذلك المواطن له دور كبير في مساندة الأجهزة الأمنية بالمحافظة، وكذلك تفعيل دور القضاة في البت بالقضايا المتعلقة بجرائم القتل وغيرها، وتنفيذ القصاص بدون تأخير".

وتابع حديثه: "متى ما طبقت التشريعات والقوانين أصبح المجتمع في أمن واستقرار، وتم تفعيل دور الإعلام في القضاء على ظاهرة انتشار السلاح وما هي سلبياته في المجتمع. فمتى ما وجد السلاح وجدت الجريمة، وتفعيل دور خطباء المساجد في الحد من انتشار السلاح والتوعية بمخاطر حمل السلاح وعقوبة القاتل في الدنيا والآخرة".

غياب الدولة
وأكد الشيخ شايع الداحوري قائلا: "بالنسبة لعملية الاختطافات والاغتيالات تحدث عندما تكون الدولة هشة ومؤسساتها غائبة ولم ترتقِ إلى مستوى الحدث. ومن الطبيعي أن تحدث مثل هذه الأعمال لأن الدولة لم تقم بواجبها، وعندما تتنصل الدولة عن مهامها وواجباتها تحدث الاختطافات والاغتيالات".

وأضاف: "لكن في رأيي تتحمل كل هذه الأعمال الدولة لأنها هي المسؤولة بدرجة رئيسية على المواطن، وبالنسبة لدور الأجهزة الأمنية فهي غائبة لأنها لم تقم بمهامها التي هي مسؤولة عليها، فالدولة تنصل عن مهامها كلها، ولم تقم بها عن قصد لكي توصل أبناء المحافظة إلى اليأس والاستسلام لقوى الفساد التي تريد أن تقول إما نحن نبقى نحكمكم، وإلا فلتستمر معاناتكم"

استغلال الشباب
وقال ماجد زيد حميد في حديثه لـ "الأيام": "من أسباب ظهور الاختطافات والاغتيالات في هذا الوقت، وفي أبين تحديداً هو انتشار الحبوب المخدرة بشكل كبير. يتعاطاها الشباب الذين يعانون من البطالة والفراغ، ومن خلال هذا التعاطي والإدمان يتم استغلال الشباب في تنفيذ أعمال قذرة لمصلحة تجار المخدرات والحبوب".

مجتمع الجريمة
وأضاف: "الأمر واضح والشاب العاطل عن العمل لا يستطيع توفير ثمن تلك الحبوب أو المخدرات فيجد من يستغله لتنفيذ أعمال إجرامية مقابل المال والمخدرات".

وتابع: "المشكلة تمر بعدة مراحل منها شاب يستدرج شاب آخر مقابل المال وتحسين مستواه المعيشي والمرحلة الثانية مرحلة استدراج الشباب إلى الترويج للمخدرات، والمرحلة الثالثة عند فشل ذلك الشاب في التجارة أو محاولته الهرب من المتاهة يتلقى تهديدات، ويتم استغلاله في عمليات قتل واختطافات مقابل تصفية ما عليه من ديون لصالح عصابات ترويج المخدرات".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى