قصة قصيرة.. الاتفاق الخالد

> سالم فرتوت

> اشتد الحر بالشمس يوماً. تصبب العرق من وجهها الذهبي المستدير، وأخذت تزفر وتنفر، وبلغ غيظها الأرض فصخب البحر حتى بلغ صخبه سمعها، وزعت بصرها هنا وهناك بين كواكبه تبحث عن مصدر الصوت حتى إذا لمحت البحر يتدفق تعلق بصرها به يحثها على أن(هنا ما يمكن أن يخفف من حدة حرارتك).
أرسلت إليه تطلب ماء تبرد به حرها الذي طال ما حولها فأبدى استعداده بكل سرور مشترطاً أن تكون المنفعة متبادلة، إذ قال في جوابه: "إن مائي مالح يا سيدتي، وبحاجة إلى تنقية".

وسرعان ما اهتدت إلى تقنية تحلي بها ماء البحر فعقدت وإياه اتفاقاً يقضي بأن تحلي من مائه ما يبرد حرها، ويغطي حاجة الأرض من الماء الحلو.
واشترك ابن الإنسان في التوقيع على ذلك الاتفاق الذي كان من ضمن بنوده هو "أن تحلي الشمس من مياه البحر ما شاءت على ألا يتسبب تنفيذ الاتفاق في صراع على الأرض". ومنذ ذلك اليوم وآلتها الذهبية الخالدة تحلي نفس الكمية المتفق عليها

أرسلت الشمس آلتها فانتشرت أنابيبها الذهبية على سطح البحر ونصبت سلماً متصلاً بها باتجاه الفضاء، وجعلت قطرات الماء الحلوة تتسلقه فتتجمع في الفضاء متخذة أشكالاً وألواناً شتى وهي تسافر من مكان إلى آخر منتظرة الأمر من صاحب الأمر الذي رعى ذلك الاتفاق وأمر به.
وإذ سقط المطر أول مرة احتفت الأرض وانتعشت أحياؤها حيث حظيت بالماء. لكن الطرف الثالث في الاتفاق أخل بأهم بنوده، إذ فكر بنوه في السطو على المطر إذا نزل، وانتزع خيره من أشقائهم فسال الدم ممتزجاً بالمطر وكل يبرر فعلته بالآخر.

نقض ذلك المخلوق المسمى الإنسان البند المتعلق به أما الشمس والبحر رغم استيائهما مما يفعله بنفسه بسبب اتفاقهما فيأبيان الإخلال بحرف واحد مما اتفقا عليه.
الإنسان وحده هو من يخل بالعهود وينقضها حتى أنه ابتكر تقنية لسرقة الماء وهو غيم يتلبد في السماء منتظراً الأمر من صاحب الأمر. مما أغضب الشمس والبحر فأثارا الأعاصير والفيضانات تعاقبه على إخلاله بالعهود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى