مكتبتي التي تذوي

> عبد القوي الأشول

> رغم أنها لم تأخذ من مساحة منزل شديد التواضع المتهالك بحكم عاديات الزمن إلا ركناً قصيّاً، إلا أن موضعها لا يشكل محط رضي عند جيل الأبناء ممن انقطعت صلتهم تماماً بعالم الكتاب والقراءة، فكثيراً ما يتم نقلها من مكان لآخر وهي إرهاصات واضحة وجلية للتخلص منها، لكن على استحياء حيث استقر بها المقام أخيراً في دارة المنزل الهش ما يعني أنها عرضة تماماً لسقوط الأمطار وإتلافها، ورغم معارضتي للأمر إلا أنه وفق قول أحد الأبناء هو السبيل الممكن لبنائها والاستفادة من ميزها السابقة في ترتيب حاجات المنزل الأساسية بمعنى لم تعد المكتبة ذات أهمية تذكر في خضم دفاعي الفاتر عنها سألت نفسي سؤالاً منطقياً من الذي يقرأ محتوياتها المتواضعة من الكتب المختلفة وشذرات الأعمال الروائية الخالدة؟.

ربما كانت الإجابة صادمة من منظور ما هو أمامي من وضع ليس فيه أدنى علاقة مع الكتاب من معظم الأبناء للأسف عندها تذكرت كتباً قمت بشرائها من على رصيف الشارع في فترت مختلفة بأسعار زهيدة. بعض تلك الكتب القيمة تحمل أسماء وتوقيعات أعلام أدبية وفكرية وصحافيين رحلوا إلى ملكوت الرحمن.
وأول ما تم التخلص منه للأسف هي مكتباتهم وذكرياتهم التي ترتبط بصورة حميمية بعالم الكتاب والقراءة. قلت في نفسي: الثابت أن مكتبتي المتواضعة سوف تلقى نفس المصير أنها تذوي، وإن اختلفت وسيلة التخلص منها.

ما أفقدني الحماس تماماً في رفعها من ذلكم الموضع الذي حلت فيه مؤخراً بعد أن باتت عرضة لسقوط المطر على محتوياتها، ليسدل الستار في رفوف منزلي عن عالم الكتب بصورة عامة لتحل عوضاً عن ذلك تلك الشاشة الإلكترونية بمحتوياتها المتنوعة وعالمها الجديد.
وبخطرها الداهم على البصر خصوصاً لدى شراع الأطفال ممن يتم إخراس بكائهم بإعطائهم حرية اللعب في شاشة الجوال، الحال الذي مثل لديهم إدماناً لا فكاك منه، ما يجعل عيادة العيون وفق الكثير من العلماء تستقبل ملايين المراجعين ممن يعانون مشاكل ضعف البصر على نطاق العالم بأسره.

هذه حقيقة صادمة.. جيل لا يقرأ كما أن ليس هناك اهتمام باللغة ومفرداتها، ما يجعل كتاباتهم تأخذ نمطاً غير مسبوق من الحرية التي لا تلتزم مبادئ اللغة إطلاقاً
وهنا يبرز السؤال المنطقي: ماذا يكون عليه حال الأجيال على المدى القريب والبعيد، وما هي مخاطر عدم القراءة؟
وبعد أن أصبح فطاحلة الأدب نكرة، وأصحاب أشهر الأعمال الروائية أسماء غير معروفة للأجيال، وهكذا الحال على صعيد العطاء البشري في مختلف العلوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى