ابن التواهي المنسي المناضل حسين عبدالكريم جاوي أحد أبطال الاستقلال

> د. هشام محسن السقاف

> كانت عدن هدفاً أساسياً لاندلاع الثورة الأكتوبرية في العام1963م. فلا رهان على استقلال للجنوب دوناً عنها، ولا جنوب حقيقي إلا بها.

ولذلك، امتازت ثورة أكتوبر المجيدة بأنها ثورة شاملة ضمت الريف والمدينة على السواء. بل إن الحراك المديني المدني في عدن سياسياً ومجتمعياً ونقابياً كان قد سبق اندلاع الثورة بسنوات، حيث ظهرت الأحزاب والتنظيمات السياسية باكراً في عدن منذ نهاية الأربعينيات، وما أن جاءت الخمسينيات إلا وكان المجتمع العدني بتحركاته السياسية يتقاطع باستمرار مع مخططات الإدارة البريطانية بميل وطني متزايد نحو الحرية.

ونستطيع أن نتتبع الصحافة العدنية في ذلك الوقت لنخرج برؤية واضحة عن ذلك التنامي المستمر للإرادة الوطنية لأبناء عدن بتقاطعها البين مع مخططات الإنجليز ورغباتهم في عدن.

بما في ذلك الدور الناصع وطنياً لرموز أفذاذ وضعوا لاحقاً في الدائرة الرمادية، ورموا بكل ألفاظ التشويه البذيئة، بينما السجلات الحقيقية لتاريخ تلك الفترة تضعهم في المواقف الوطنية المشرفة كرواد أفذاذ خدموا عدن ووطنهم وتعرضوا في شأنه لما تعرضوا له من الدوائر البريطانية أو من الفصائل الثورية الأخرى أثناء الكفاح الثوري المسلح أو بعد الاستقلال الوطني ونيل الجنوب حريته وإقامة دولته، أمثال الشخصية العدنية البارزة عبدالرحمن جرجرة والأخوين بيومي ومحمد حسن، وعوبلي وعبد القوي مكاوي وعبدالله الأصنج وباسندوة وحسين القاضي والقائمة تطول.

ولذلك، أتلمس طريقي لأسلط قليلاً من الضوء على واحد من أبناء عدن كان له إسهامه الوطني البارز في صنع التحولات التي شهدتها عدن في العقد الستيني وأقصد ابن التواهي البطل والمناضل حسين عبدالكريم جاوي الذي كان أحد رجال الشرطة في عدن، وتلقى المبادئ الشرطوية في دورة اجتازها عام 1958م، كما التحق بدورة أخرى في البحث الجنائي عام 1962م قبل أن يلتحق بدورة شرطوية عليا في لندن عام 1964م.

وتزخر حياة هذا المناضل الوطني بعطاءات لم تتوقف إلا بوفاته في 7 نوفمبر 2016م.

كان الجاوي عضواً قيادياً في جبهة التحرير التي كانت شريكاً أساسياً مع الجبهة القومية والتنظيمات الوطنية الأخرى في الثورة والكفاح المسلح. وتعرض الجاوي للسجن من مارس 1966- سبتمبر 1967م على يد قوات الاحتلال البريطاني. وكان ضمن الرعيل الوطني الذي غادر عدن مكرهاً إلى مدينة تعز بعد أن استقر الأمر للجبهة القومية التي تسنمت الاستقلال في 30 نوفمبر عام 1967م.

وحتى في الحالمة تعز لم يخل الأمر من منغصات لامتداد أذرع حركة القوميين العرب إلى هناك، حيث سجن الجاوي في سجن (الشبكة) لمدة ستة أشهر مع قيادات أخرى في جبهة التحرير.
ولم يلبث الجاوي في تعز طويلاً، إذ عاد إلى عدن حبه الكبير وحيث مسقط رأسه "مدينة التواهي" الساحرة. عاد وفي قرارة نفسه أن يعيش في وطنه بسلام فيداه لم تقترفا ذنباً أو جرماً سوى النضال من أجل الاستقلال والحرية. لكنه أودع السجن في العام 1972م بتهمة الانتماء إلى جبهة التحرير.

وعاش وفياً لعدن قابضاً على جمرة الانتماء لهذا الوطن بيديه، محباً لأهله ومتفانياً في خدمة مواطنيه، حيث فاز في دائرة التواهي بأول انتخابات برلمانية بعد الوحدة اليمنية عام 1990م. وكان قد تحمل مسؤولية المؤتمر الشعبي العام كأول رئيس له في عدن من العام 1990 - 1992م، وإلى جانبه مناضلون آخرون كالأستاذ أحمد قعطبي ومحمد عيدروس يحيى وآخرين.

ظل الأستاذ المناضل الكبير حسين عبدالكريم جاوي مكتفياً بما قدمه لوطنه من إرث نضالي وعمل اجتماعي وإداري مشهود خلال فترة حياته الناصعة، وتوارى عن الأنظار وعن الإعلام حتى وفاته.
رحم الله ابن التواهي المجاهد والثائر حسين عبدالكريم جاوي وأسكنه فسيح جناته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى