فرسان بلادي تترجل

> د. عبدالله عبدالولي ناشر

> غادرنا مؤخراً الأخ والزميل د. سعيد شرف بدر. لقد عرفته منذ أيام الطفولة في عدن الحبيبة، وخلال مراحل الدراسة الأولى كان مجتهداً ومثابراً يحب القراءة والاطلاع كما كان أيضاً يحب الآخرين. بعد أن أكمل مرحلة الدراسة المتوسطة سافر إلى القاهرة ليكمل المرحلة الثانوية، ومنها إلى جامعة القاهرة لدراسة الطب. كان من المبرزين بين زملائه الطلاب، كما كان أيضاً نشيطاً فيما بينهم. تزاملنا مجدداً في عدن بعد تخرجي من بريطانيا في مطلع السبعينات من القرن المنصرم. وقد كنتُ في قسم الجراحة وهو في قسم الأمراض الصدرية. كان مجتهداً ومطلعاً ليس فقط في مجال تخصصه، لكن أيضاً في مجال الثقافة والسياسة والعلوم الإنسانية. لا يمل ولا يكل من تطوير نفسه ومن مساعدة وخدمة الآخرين.

في منتصف الثمانينات غادرت إلى صنعاء وظل هو في عدن ليتولى وزارة الصحة في عام 1986م. كعادته بذل أقصى جهوده ليقود وزارة الصحة ويعمل مع زملائه في تنظيم وتطوير الخدمات الصحية في عموم الجمهورية. عين بعد الوحدة سفيراً لليمن في النمسا، حيث خاض مجال الدبلوماسية بكل كفاءة واقتدار. بعد ذلك عمل مع منظمة الصحة العالمية لفترة من الزمن. وفي كل المراحل أثبت د. سعيد قدرة كبيرة وكفاءة عالية لأداء مهماته بكل نجاح وتفوق متحلياً بأخلاق عالية وتواضع جم وحب واحترام لكل من حوله.

وما كادت تجف الدموع إلا لنفجع بترجل فارس آخر. وهو الزميل والصديق العزيز د. النابغة أبوبكر محمد حامد خليفة.

درس د. أبو بكر المرحلة الثانوية في كلية عدن، وكان من أذكى وأنشط زملائه، كما كان يمثل القدوة لكل طلبة الكلية، ومنهم أنا وذلك لحبه وشغفه بالعلم والاطلاع، وكذا لمواهبه الرياضية والثقافية. تخرج في مجال الطب من جامعة القاهرة، حيث كان من أنشط وأذكى زملائه. عاد إلى عدن في نهاية الستينيات من القرن المنصرم ليعمل في قسم الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى الجمهورية بعدن. ومنها غادر إلى بريطانيا ليتخصص في نفس المجال. وقد تمكن من اجتياز امتحانات شهادة التخصص في زمن قياسي نظراً لذكائه الذي يصل إلى حد النبوغ ومثابرته واجتهاده. ومن بريطانيا عاد إلى عدن الحبيبة ليعمل كرئيس لقسم الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى الجمهورية، وكان مثالاً يقتدى به لدى زملائه وطلابه من الأطباء حديثي التخرج، وكذا طلبة كلية الطب.

كان دكتوراً رؤوفاً و رحيماً وإنسانياً لا يرد الطارق على بابه حتى في منتصف الليل، ولا يبخل بخبرته وعلمه على أي محتاج يقصده وبدون أي مقابل. لقد عاش أبوبكر عزيزاً وشريفاً وغادرنا محفوفاً بحب الناس ودعواتهم وذكراه الطيبة فيما بينهم.

رحم الله فقيدينا وأسكنهما فسيح جناته وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى