البدء من المنتصف!

> عبارة "البدء من المنتصف" ليست لي ولكنها للدكتورة مناهل عبد الرحمن ثابت، الطفلة العدنية التي تغلبت على "التوحد"، بفضل تميزها وبفضل البيئة التي عاشت وتعلمت فيها وأصبحت اليوم ضمن الثلاثين شخصية الأكثر ذكاء في العالم، (لمن أراد معرفة المزيد عنها يرجع إلى جوجل).
قالت هذه العبارة في سياق حديثها عن "وكستنا" متعددة الأوجه التي جعلتنا في ذيل العالم، في كل شيء وبدون استثناء، وهي عبارة لفتت انتباهي، وربما كُثُرا غيري، لأهمية البدء من نقطة البداية وليس من المنتصف.

لو أسقطنا هذه العبارة على أبسط البديهيات، مثلا، لو أراد أحدنا أن يبني عمارة من عشرة أدوار، فهل يمكنه البدء من الدور الخامس؟، ولو ذهبنا أبعد قليلا، وتأملنا، مجرد تأمل، في مشاركاتنا الرياضية الخارجية، ستجد القائمين على الرياضة، يبدؤون من المنتصف، ويذهبون إلى الحواري ويختارون ما تيسر من الشباب والمراهقين ويقيمون لهم معسكرا مليئا "بسندويشات" الفول والفاصوليا، ثم يلبسونهم الحلل الرياضية الجديدة لزوم التصوير، ثم يذهبون بهم إلى المطار.

حتما سيتمكنون من "شرف المشاركة" وهو الشرف الوحيد الذي ينالونه في كل مشاركاتنا الخارجية، ثم يعودون بخفي حنين بعد مشاركات خلف الأضواء، فالأضواء تركز عادة على رياضيي الدول التي تبدأ تأسيس جيل من الرياضيين، بدءا من المدرسة إلى الحي إلى الأندية المتخصصة لكل الرياضات.
بجملة أخرى، نحن بدأنا من المنتصف وهم بدأوا من نقطة البداية، ويتكرر الحال عندنا في كل دورات الألعاب منذ عشرات السنين.

كنت نازلا في أحد فنادق المدن العربية السياحية، ورأيت ذات ليلة، بأم عيني، شاحنات تضع رملا على طول الشاطئ ليغطي الحصى الذي يملأ الشاطئ، حينها تذكرت شواطئنا الطويلة بطول الوطن، وجمال رمالها الذهبية الناعمة، ولكن، من أين لنا الكادر والعامل والفني المتخصص في فنون وثقافة السياحة، وهكذا نعود إلى مقولة إنه "لا يمكن البدء من المنتصف" وأن البداية الصحيحة تكون من نقطة البداية.

في مجتمعنا، نفرح عندما ينجح الطفل في أن يشير إلى أذنه أو أنفه، ونقول عنه ذكي، كما سمعت ذات مقطع فكاهي، ويحرص بعضنا على أن يعلم ابنه طريقة استخدام "البندق" بدلا من وسائل العصر التي سيسابق بها الأجيال في البلدان الأخرى، وبعد كل هذا الخلل التربوي يأتي أحدنا ليسأل، لماذا نحن متخلفون عن ركب العصر؟!
د. مناهل عبد الرحمن ثابت المرأة الوحيدة في العالم صاحبة الدكتوراه في الهندسة المالية التي تعنى ببناء القواعد المالية والاقتصادية، أليست في بال "كتبة الحسابات" في بلادنا ممن نسميهم رجال مال ومصارف؟

نحن بحاجة إلى أن يتولى الدفة عقلاء المجتمع الذين يؤسسون لنقطة بداية يمكن البناء عليها والانطلاق لمواكبة العصر، ونعطي "للفنادم" حقهم في حماية الوطن دون أن يتدخلوا في السياسة، وهكذا يستقيم حال الوطن والناس، عدى ذلك فسنظل نبحث عن نقطة البداية ولا نجدها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى