نريد حكومة إنقاذ لا حكومة تصفر العداد!

> ازدادت حدة النقاشات والملاحظات خلال الـ 96 الساعة الماضية، حول تشكيلة الحكومة بين الطرفين: الشرعية والمجلس الانتقالي، وما زاد الطين بلة، كما يقول المثل، أبواق وسائل التواصل الاجتماعي، في رفع وتيرة القلق والتحليل المتداول الذي تجاوز ويتجاوز المنطق في العرف والأخلاق السياسية التي تنطلق من التقييم والابتعاد عن الذات!!

أتفق جملة وتفصيلاً مع الطرح الذي أوردته بعض الناشطات السياسيات والمكونات النسائية في مطالبهن المشروعة في التساؤلات حول غياب المرأة من التشكيلة القادمة.
ولكن أضع تحتها خطا أحمر، إن مطالبة الناشطة عفراء حريري للنائب العام من خلال الشكوى، أقول لها إن الشكوى لغير الله مذلة، مع تقديري واحترامي للنائب العام فهو الحاضر الغائب في المشهد السياسي العام.. فكيف له أن يرفع صوته مطالباً بأحقية المرأة وأن تكون ضمن الحقيبة الوزارية الجديدة؟!

مطالبة جامعة الدول النظر في إشراك المرأة اليمنية -جنوباً وشمالاً - في حكومة المناصفة أمر أثار لديّ العديد من التساؤلات، لعل أولها هل هناك جامعة دول عربية؟ أنصفت الحقوق الضائعة للشعب الفلسطيني طوال عقود وهو يطالب الحق في عودته إلى أرضه المشروعة.
كانت هناك جامعة دول عربية يوم أن كان هناك قادة وسياسيون، شهد لهم التاريخ الإنساني بالمواقف العظيمة لإحقاق الحقوق المشروعة خلال أواخر خمسينات القرن الماضي في مواجهة الحركة الاستعمارية، وانتصرت تلك الدول التي رزحت تحت نيران الاستعمار لعقود من الزمن.

الأمم المتحدة هي الأخرى مأساة ما بعدها مأساة، كانت هناك أمم متحدة في عهدي يوثانت وكورت فالدهايم، وكانت نصيرة لحقوق الإنسان استناداً إلى القانون الدولي الإنساني. ولكن اليوم فإن الأمم المتحدة يتحكم فيها الفساد بل التوريث الذي أخذ شكلاً من أشكال الوظيفة الرسمية في الأمم المتحدة.
كانت هناك حركة نسائية ديمقراطية عالمية لعل أهم وأبرز جهودها العقد العالمي للمرأة (75 - 1985م) توجت جهودها بصدور الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (1979) في مدينة مكسيكو.

- تجارب المرأة في العالم سبقت تجربتنا في المطالب الحقوقية والتمكين للمرأة على مختلف الأصعدة.. ما عانته المرأة في أوروبا والعالم أجمع جراء نتائج الحرب العالمية الثانية جعلها تشارك جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل في إعادة بناء أوطانها، وباتت المرأة ركيزة أساسية في أن تستعيد كل الدول التي خاضت الحرب العالمية الثانية مكانتها التي أنصفت الإنسان، بكل ما تحمله الكلمة من معنى إنسان أنثى وذكر.

منذ حرب 2015 وفي ظل الأوضاع المأساوية واللإنسانية تحملت المرأة جنوباً وشمالاً العبء الأكبر في كل أشكال القهر والظلم ولا تزال تدفع الثمن غالياً من أجل أن يستعيد الوطن عافيته.

نساء الخارج، اللواتي يطالبن اليوم بتحقيق الكوتا 30 %، وهو باطل أرادوا به الحق، سؤالي إليهن هل يدركن حجم معاناة النساء في الداخل، حجم الخسائر البشرية والمادية، غلاء المعيشة، الأمراض والأوبئة التي تفتك بالطفل والشيخ والمرأة والرجل، عدم دفع رواتب العسكريين والأمنيين والمدنيين؟ على أرض الواقع نعيش مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

دعونا نرفع أصواتنا عالياً بتحقيق السلام المستدام، دعونا نطالب بحكومة إنقاذ لا حكومة تصفير العداد! حكومة تؤمن بحقوق الإنسان كمنظومة متكاملة تعني حق المواطن في العيش بكرامة، حقه في العمل، حقه في السكن، حقه في التعليم، حقه في الأمن والأمان. لا حكومة فيها وزير يحتل (3) حقائب وزارية، وزير تخلو جيوبه من المال العام والفساد. التدوير للفساد بات شريعة الحكومة الشرعية.

ولا شك إذا استطاعت المرأة أن تعيد رصّ صفوفها في الداخل باقتدار وابتعاد عن الذات، فلا شك أن المستقبل حليفها.

* ناشطة سياسية حقوقية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى