رؤية ملخصة للمستقبل.. مقترحات لخطة إنقاذ عاجلة تبدأ من العاصمة عدن

> د. عبدالله عبدالولي ناشر - د. إلهام باصهي

>
تشمل 3 مراحل: قريبة ومتوسطة المدى وبعيدة
تثبيت الأمن واستعادة منظومتي الماء والكهرباء أولوية تتطلب معالجات عاجلة
عدن تحتاج إلى إعادة تأهيل الميناء وإنشاء مطار ومصفاة جديدتين
تدعيم الكوادر المحلية بخبرات دولية لوضع خطط استراتيجية
تلبيةً لنداء الواجب تجاه المدينة التي ولدنا وترعرعنا وتعلمنا في كنفها، والتي كان لها الفضل الكبير بعد الله سبحانه وتعالى في كل ما حققنا في حياتنا، قررنا أن نساهم ببعض من الآراء والمقترحات من خبرتنا في مجال الطب والخدمات الصحية والتنمية المستدامة على أمل أن تسهم هذه المقترحات في إعادة إعمار مدينتنا الحبيبة عدن، وبلادنا العظيمة بشكل عام.

استبشر الناس في عموم الوطن خيراً بوصول الحكومة الجديدة إلى عدن العاصمة على الرغم من العمل الإجرامي الشنيع الذي طال مطار عدن في أثناء وصولهم. لقد طال انتظار الناس لحكومة البلاد منذ عدة سنوات تخللها خراب وتخريب عم كل شيء، وتمثل بصراعات وحروب وهدم لمؤسسات الدولة ونسف البنى التحتية والقضاء التام على الاقتصاد الذي قد كان ضعيفاً من الأساس، وما رافق ذلك من فقدان الناس لوظائفهم ومصادر دخلهم وازدياد غير مسبوق بوفيات وإصابات لكل الفئات السكانية المختلفة وسوء التغذية، بل المجاعة في كثير من المناطق وانتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة، وتدهور مريع لخدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وكذا خدمات الرعاية الصحية والتعليمية.

ولذلك، من الطبيعي أن يأمل المواطن من أعضاء الحكومة الجديدة أن يعملوا فريقا واحدا على وضع خطة إنقاذ عاجلة للبلد عموما وعدن العاصمة خصوصا، ووضع مثل هكذا خطة يستدعي بالدرجة الأولى:

- اختيار الكوادر المتخصصة والمجربة من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والتفاني والإخلاص، سواء من داخل الوطن أو من خارجه، ودعمها بخبرات إقليمية أو دولية عند الحاجة لوضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة للمشروع، على أن يبدأ العمل في المشروع في الأساس بمحافظة عدن كنموذج يطبق في بقية أنحاء البلاد. هذا لا يعني إهمال بقية المحافظات التي يجب أن يتم البدء عاجلاً بتنفيذ بعض بنود الخطة فيها، والتي لا تحتمل أي تأجيل، مثل إصلاح وتوفير الأساسيات من مياه وأغذية وخدمات الرعاية الصحية الأولية والخدمات التعليمية.

- رصد الميزانية المطلوبة للتنفيذ، الذي يفضّل أن يتم على ثلاث مراحل:

المرحلة العاجلة
يتم تنفيذها خلال ستة أشهر إلى سنة وتشمل:

(1) استعادة الأمن والأمان:
- على قيادة المحافظة، ومعها المواطنون ودعم الحكومة ودول التحالف، بذل كل الجهود العاجلة لاستعادة الأمن والسكينة في كل مديريات المحافظة من خلال تأهيل وتدريب قوة أمنية حديثة ومتطورة، على أن تعطى الأولوية عند تشكيلها لشباب ورجال المقاومة البواسل، الذين أبلوا بلاءً حسناً في حرب 2015، بعد تدريبهم وتأهيلهم مع منحهم المرتبات المجزية، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لإنجاح مهامهم.

- يتم حظر كافة المظاهر المسلحة، ومنع اقتناء السلاح بكل أنواعه، بما في ذلك الجنابي في عموم مديريات المحافظة، بهدف عودة الأمن والأمان، إذ إنه بدون ذلك لا استثمار سيأتي، ولا تنمية ستتم.

(2) إعادة تشغيل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي:

- العمل بشكل عاجل على ترميم وإصلاح الشبكات الحالية للمياه والمجاري والكهرباء لإعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي الذي كانت عليه قديماً، بالإضافة إلى الاهتمام بالتخلص من النفايات والمخلفات والنظافة العامة.

(3) ترميم وإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات القائمة وبشكل عاجل.

(4) ترميم عاجل للمطار والميناء والطرقات والجسور، وكذلك المثل لوسائل الاتصالات كالهاتف وخدمات الإنترنت وغيره.

المرحلة متوسطة المدى
ويتم تنفيذها خلال سنة إلى سنتين وتشمل الآتي:

1) إصلاح التعليم:
الوضع الحالي للتعليم في الجمهورية اليمنية عموما، وفي عدن التي كانت منارة للتعليم خصوصا يعتبر وضعا متخلفا جداً، ولا يتماشى مع العصر والقرن الحادي والعشرين. ما يتم حالياً، بالنسبة لنظام التعليم، هو التركيز على الكم مع غياب كامل للكيف والنوعية، حيث الكل يلهث للحصول على الشهادة الجامعية بدون أي اعتبار للمستوى التعليمي والمعرفي المطلوب لتنفيذ مشاريع التنمية الشاملة، وكذا حاجة السوق. وعليه يتوجب وضع استراتيجية لإصلاح التعليم على ضوء الخطوط العامة التالية:

أ - إعادة تأهيل وتحديث وتجهيز كافة المدارس والمعاهد الفنية والجامعات العامة والخاصة.
ب - إلغاء المناهج التعليمية الحالية التي لا تمت بأي صلة إلى القرن الحادي والعشرين، واستبدالها بمناهج حديثة ومتطورة تتماشى مع العصر وحاجة البلاد، وهنا بالإمكان الاستفادة من تجارب بعض الدول التي لها السبق في هذا المجال.

ج - الإعداد الجيد والحديث للمعلم، ولا سيما في المراحل الأولى والأساسية، مع مراجعة السلم الوظيفي للمعلمين، ورفع مرتباتهم، مما سوف يمكن من استقطاب أفضل الكفاءات إلى سلك التدريس، لأن مدرسي المراحل الأولى هم من سيؤهل الصغار للمراحل العليا سواء في المعاهد الفنية أم الجامعات.

د - إنشاء وتطوير المعاهد الفنية والتدريب المهني التي تقوم بتدريب وتأهيل الكوادر الفنية والإدارية المطلوبة لمشاريع التنمية بكل أنواعها العامة منها والخاصة. إن الاهتمام بهذا النوع من التعليم يعتبر من الأولويات لسببين: أولهما توفير احتياجات السوق المحلية التجارية والصناعية والخدمية، وثانيهما تصدير مثل هذه العمالة المؤهلة إلى دول الجوار في حال الفائض.

هـ - وضع القوانين والمعايير والشروط للمدارس الخاصة وتشجيع الاستثمار في هذا المجال كي تلعب هذه المدارس دوراً مكملا لما تقوم به الدولة، كما يتحتم إخضاعها لرقابة الدولة لضمان الجودة والمستوى العالي للتعليم في كل مراحله.

(2) الخدمات الصحية:
يتم الاستفادة والاسترشاد بالوثائق التالية بعد مراجعتها وتحديثها لتتناسب مع وضع عدن الجديد:

- وثيقة إصلاح القطاع الصحي الصادرة في عام 1997.

- القوانين التالية التي تم إصدارها في نفس الفترة:

- قانون المجلس الطبي اليمني.

- قانون مزاولة المهن الطبية والصحية.

- قانون الصيدلة.

- قانون مواصفات ومعايير المنشآت الصحية الخاصة.

وقد هدفت هذه الوثائق والقوانين في مجملها إلى توفير رعاية صحية جيدة ومأمونة ابتداء بالرعاية الصحية الأولية وانتهاءً بالمستشفيات المرجعية والتعليمية.

أما في الجانب العلاجي فيجب أن يكون التركيز على ترميم وتأهيل كل المنشآت الصحية من مستوى الوحدات والمراكز وصولا إلى المستشفيات، مع إعطاء اهتمام خاص لمستشفى الجمهورية (الملكة إليزابيث سابقاً) وبهذا الخصوص يمكن تقديم طلب عاجل للحكومة البريطانية لإرسال فريق متخصص لتقويم المستشفى ووضع تصور لإعادته للقيام بدوره التاريخي كمستشفى مرجعي وتعليمي من الطراز الأول، إما بإعادة تأهيله كاملاً إن أمكن أو هدمه وإنشاء مستشفى جديد ومعاصر مع وضع الأسس لإدارته على أحدث المستويات، كي يشكل هذا الصرح العريق النموذج والمدرسة لكل المستشفيات الأخرى.

3 - دعم وتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في مجال الطب العلاجي بكل مستوياته وفروعه. في ظل رقابة صارمة من قبل المجلس الطبي.

(3) المعسكرات:
تعمل قيادة المحافظة بدعم من الحكومة على إخراج كل المعسكرات ومخازن الأسلحة من داخل عدن مع الإبقاء فقط على معسكرات الشرطة وحفظ الأمن والاستفادة من المساحات الكبيرة التي تحتلها معسكرات القوات المسلحة في تعويض من تضرروا من قانون تأميم المساكن والممتلكات وما تبقى من تلك المساحات يمكن الاستفادة منها للتوسع في مرافق ومنشآت المدينة المختلفة.

المرحلة بعيدة المدى
ويتم تنفيذها من أربع إلى خمس سنوات على طريق إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي:
بالعودة إلى التاريخ نجد أن عدن (المستعمرة سابقاً) أعلنت كمنطقة حرة من قبل الحاكم البريطاني في أبريل من عام 1850 لاستقبال البضائع الواصلة إليها بحرا وبرا وإعادة تصديرها بدون جمارك، مما أهل عدن لتكون أهم منطقة حرة في العالم خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والقرن العشرين حتى عام 1967.

ولكي تستعيد عدن مجدها العظيم وتستجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية فإنه من الضروري إعادة تأهيلها وتحديثها من الألف إلى الياء، وفي ما يلي الخطوط العريضة لتنفيذ ذلك:

- استقدام شركات عالمية لوضع خطة متكاملة (MASTER PLAN) لعدن الكبرى. وتشمل الخطة ما يلي:

- إعادة تأهيل وتحديث ميناء عدن كي يعود ليقوم بدوره الريادي كميناء حر بعد أن أصبح شبه متوقف ومشلولا منذ عام 1967.

- التخطيط لإنشاء مطار ضخم وحديث بدلا من المطار الحالي خارج عدن إما شرقا شمال ساحل أبين أو غرباً في منطقة عمران.

- تحديث وتوسعة الأحياء السكنية والطرقات.

- تخطيط المناطق السياحية في الشواطئ والمرتفعات بما فيها هضبة جبل شمسان (السبعة الدروب).

- تطوير وإنشاء الحدائق والمنتزهات في كل المديريات.

- العمل على إنشاء مصفاة جديدة للنفط بدلاً من مصفاة عدن الحالية والتي قد تجاوزت عمرها الافتراضي بسنوات عدة.

- إنشاء مدينة للعلوم والتكنولوجيا ومركز عام للبحوث.

- صيانة وترميم معالم عدن التاريخية، من مساجد وكنائس ومعابد وصهاريج ومنارة وغيرها.

- وضع دراسة لإعادة كل الأملاك والعقارات المؤممة لأصحابها أو تعويضهم مما سوف يشجع ويطمئن رأس المال على العودة إلى عدن للعمل والاستثمار فيها.

- إنشاء جهاز خاص لدراسة طلبات تسجيل الشركات والمكاتب التجارية والمشاريع الصناعية الجديدة على أن لا يتعدى منح التراخيص فترة زمنية محددة قانونياً وبالإمكان الاستفادة من تجربة الأسطورتين دبي وسنغافورة في هذا المجال حيث يتم إصدار التراخيص خلال أسبوع واحد وربما أقل. وبالمناسبة وبعودة إلى التاريخ نجد أن خلال القرن الماضي وحتى الستينات كانت عدن تحتل المركز الثالث من حيث أهميتها كميناء عالمي بعد لندن ونيويورك، بينما سنغافورة كانت تحتل مركزاً متخلفاً بكثير.

- العمل على إصلاح القضاء وتنظيفه من الشوائب والفساد وضمان استقلاليته، بالإضافة إلى إنشاء محكمة للمقاضاة الدولية لطمأنة رأس المال الأجنبي وتشجيعه على القدوم إلى عدن والاستثمار فيها.

وفي الأخير نود أن نتوجه بالدعاء لله تعالى أن يشد من أزر الحكام والمسؤولين والمخلصين من أبناء بلادنا ويعينهم على إعادة إعمار وتطوير بلادنا إلى الأفضل من خلال تعميم نموذج عدن على ساير المحافظات.

مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والنجاح.

ملخص الرؤية
لكي تستعيد عدن مجدها العظيم وتستجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية فإنه من الضروري إعادة تأهيلها وتحديثها من الألف إلى الياء، وفي ما يلي الخطوط العريضة لتنفيذ ذلك:

- استقدام شركات عالمية لوضع خطة متكاملة (MASTER PLAN) لعدن الكبرى. وتشمل الخطة ما يلي:

- إعادة تأهيل وتحديث ميناء عدن كي يعود ليقوم بدوره الريادي كميناء حر بعد أن أصبح شبه متوقف ومشلولا منذ عام 1967.

- التخطيط لإنشاء مطار ضخم وحديث بدلا من المطار الحالي خارج عدن إما شرقا شمال ساحل أبين أو غرباً في منطقة عمران.

- تحديث وتوسعة الأحياء السكنية والطرقات.

- تخطيط المناطق السياحية في الشواطئ والمرتفعات بما فيها هضبة جبل شمسان (السبعة الدروب).

- تطوير وإنشاء الحدائق والمنتزهات في كل المديريات.

- العمل على إنشاء مصفاة جديدة للنفط بدلاً من مصفاة عدن الحالية والتي قد تجاوزت عمرها الافتراضي بسنوات عدة.

- إنشاء مدينة للعلوم والتكنولوجيا ومركز عام للبحوث.

- صيانة وترميم معالم عدن التاريخية، من مساجد وكنائس ومعابد وصهاريج ومنارة وغيرها.

- وضع دراسة لإعادة كل الأملاك والعقارات المؤممة لأصحابها أو تعويضهم مما سوف يشجع ويطمئن رأس المال على العودة إلى عدن للعمل والاستثمار فيها.

- إنشاء جهاز خاص لدراسة طلبات تسجيل الشركات والمكاتب التجارية والمشاريع الصناعية الجديدة على أن لا يتعدى منح التراخيص فترة زمنية محددة قانونياً وبالإمكان الاستفادة من تجربة الأسطورتين دبي وسنغافورة في هذا المجال حيث يتم إصدار التراخيص خلال أسبوع واحد وربما أقل. وبالمناسبة وبعودة إلى التاريخ نجد أن خلال القرن الماضي وحتى الستينات كانت عدن تحتل المركز الثالث من حيث أهميتها كميناء عالمي بعد لندن ونيويورك، بينما سنغافورة كانت تحتل مركزاً متخلفاً بكثير.

- العمل على إصلاح القضاء وتنظيفه من الشوائب والفساد وضمان استقلاليته، بالإضافة إلى إنشاء محكمة للمقاضاة الدولية لطمأنة رأس المال الأجنبي وتشجيعه على القدوم إلى عدن والاستثمار فيها.

وفي الأخير نود أن نتوجه بالدعاء لله تعالى أن يشد من أزر الحكام والمسؤولين والمخلصين من أبناء بلادنا ويعينهم على إعادة إعمار وتطوير بلادنا إلى الأفضل من خلال تعميم نموذج عدن على ساير المحافظات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى