بعد صمت تبحثون عن الوديعة السعودية

> كافة المؤشرات كانت واضحة وجلية توحي بالتلاعب بالأموال بحكم الفساد العارم الذي نعيشه. ظل الحديث يجري عن الوديعة السعودية في البنك المركزي باعتبارها مبلغا ماليا كبيرا، وهو يغري فعلاً على التعاطي معها بطرق غير قانونية.
لكن الصمت رغم المؤشرات طال، والآن بعد أن تنجز المبلغ يتم البحث عن الطرق والوجهات التي تم الصرف وكيف وظفت تلك الأموال الضخمة.

المثل يقول المال السايب يعلم السرقة، فما بالنا بالمليارات حين تكون ثغرات لممارسة الفساد، سوف تكون النتيجة مؤسفة حقاً، وما تبدد لن يعود أصلا.
التحقيق حول الموضوع ربما يأخذ اتجاهات عدة إلا أن النتيجة واحدة، فكما لم تحصل المحاسبة في قضايا مماثلة سوف يكون الحال مماثل، لا شك.

اللافت أن ثغرات كثيرة في الأداء، سواء عند الشرعية أم التحالف، تركت دون معالجة، خاصة على الصعيد الاقتصادي، وهي على نحو من الأهمية، فاللعب على الجانب الاقتصادي شديد الضرر، ويعكس نفسه على الأداء العسكري والأمني، فضلا على ما أحدث من تهاوٍ للعملة وتضييق على حياة المواطن، وربما حالة شلل غير مسبوقة على هذا الصعيد المحوري.

لقد مورست على مدى سنوات حرب أخرى خفية، ربما تم إدارتها بذكاء، وغفل التحالف والشرعية عنها، الأمر الذي جعل أمر تجيير كثير من مفاصل الاقتصاد لخدمة الطرف الآخر ممكنا، وهو ما منحه القدرة على الاستمرارية، فالحرب قطعا لا تدار علي الصعيد العسكري فحسب. هناك أمور عديدة تدار في ساحتها حروب من نوع مختلف، شديدة التأثير لا شك.

في وضعنا، مفاصل الاقتصاد حركية معقدة للغاية، مما منح الطرف الآخر القدرة على الاستفادة القصوى من تلك الأوراق، ولا يمكنك بعد أن تعطي كل هذا الوقت والمزيد الفرص أن تتلافى أثار ما حصل، فما تذهب إليه المعالجات، والتقصي بعد وقوع المحذور، لم تعد نتائجها بتلك الأهمية.

الثابت أن مستوى المعاناة على الصعيد الاقتصادي في الجنوب بالغ وشديد التأثير، بل ولد إرباكا عارما وحالة تذمر قصوى، جراء ما يعانيه السكان من ضغوط لا حصر لها، بسبب سوء إدارة ملف الخدمات والفساد المقترن بتلك الخدمات الأساسية، وما يشهده الوضع من عدم انتظام المرتبات، وحالة انهيار سعر الصرف، أي إن المواطن يدفع فاتورة ما جرى من فساد ماحق على الصعيد الاقتصادي، بل يعاقب كما لو أنه هو الفاعل، للأسف، فهل ما حدث من تلاعب بالوديعة السعودية يلقي بظلاله على حياة سكان الجنوب عموما؟ وهل كان بمقدورهم وقف أي من صور العبث الذي يجري ولم يفعلوا ؟

حال يذكرني بما قالته شخصية أبو العبد في رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" حين حشر عددا ممن وضعهم في خزان شاحنة التهريب عبر الحدود، وحين تفاجأ بموت من كان في الخزان لم يجد بدا من القول: "لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى