"موتر" أكل دار فمن أكل الوديعة؟

> حكوا ذات زمن وقالوا: هذا الموتر أكل دار، كيف نفهم هذا؟! الحكاية هي أن رجلا من مواليد المهجر الملاوي، زمان، جاء أرض أجداده واشترى سيارة وبيتا، واشتغل، ولم يحالفه الحظ ولا الظروف. وسرعان ما عطبت السيارة، وتكررت أعطالها مرات كثيرة، وأنفق ما معه من أجل إصلاحها مرة وراء مرة، وعادت للعطال، ولم يبق معه إلا أن، يستدين، وحين زاد الدين عرض البيت للبيع، وقال مقولته المشهورة "هذا الموتر أكل دار".

وهذا ما نحن فيه من استغراب، بل مفاجآت تتوالى علينا، حين انقض حمران العيون على البنك المركزي وبداخله الوديعة، وأعطوها حيا على الصلاة، كما تقول جداتنا، أو بضربة رجل واحد، ثم تنافروا صونا للشرف، ونفضوا أيديهم من الإثم الذي هم متهمون به، وتسابقوا في إصدار نفي النفي، فما أشرفهم من حيث النفي، وما أرذل موقفهم الاحتيالي في وضح النهار.

طبعا، ينطبق على هذه الحالة المثل الذي يقول "تقرص البر وسرى"، ويضاف إليه عطفا وتأكيدا. إذ حالما وصلت حكومة المناصف حتي فجرت قضية الوديعة، وأعقبه مهاترات واتهامات لرجال البنك المركزي بعدن، ليس لأنهم قضموا هذه الوديعة في ليل، وليس لأنهم لا يريدون أن تقع بيد طرف ثالث، ربما يجتاح عدن ويقصد البنك المركزي ووديعته، وهذا مستبعد أيضا، وليس لأن الوديعة سرقت وغاصت في رمال متحركة مثلما غاص عنترة ابن شداد فيها قديما، كل ما في الأمر أنها منذ أن دخلت البنك المركزي لم تنفعنا، وأصبحنا نحن الخاسرون الحقيقيون، وكل الفقراء والمحتاجين غابوا عن المشهد، وتقافز لها كل من ذيلت شركاته، بـ "وإخوانه أو وشركائه"، وأما فيما يخصنا ويدعم قوتنا فيه فما قال المثل "من يسكب ماء في نيس"، لا أثر ولا وجود له، وهذا من مآسي الشرعية وحكومتها وتابعيها من مقنعين وعفاريت وأشباح.

أعود للإجابة، فمثلما سار المثل في أول المقال، فإن الحكومة وعفاريتها أكلت الوديعة، مثلما تجاوزت حيلة الاغتيال ذاك اليوم، وفي الحالتين تكون حكومة بنت إبليس خارقة، وتحرسها روح شيخ الجان نفسه، وأنا متيقن من أنها ستتجاوز الشك، وستخرج مثلما خرجت نهار الصواريخ، نظيفة الكف واليدين.
ما يتم من تحقيقات بإشراف كبار اللصوص وأصحاب السوابق هو مثلما يقوم مخرج الفيلم، بإعطاء المشاهد قليلا من مشاهد أكشن، وقبلات حارة لتسخين الفيلم وزيادة الدخل بس، وهذا ما نحن فيه، وأكثر من هذا، ما فيش أغلي من الشرف، ما فيش، ورحم الله الممثل توفيق الدقن.

إلى أين ستنتهي قضية التحقيقات كلها، وهل سيعثرون على الوديعة المنهوبة، هذا هو المستحيل أو الضحك المذبوح لأننا بصراحة نعيش كل آفات ورذائل النظام السابق بكل ما فيه، بل وأسوأ ما كان فيه، وإن تدوير النفايات والأشخاص والأيادي الملوثة تتجدد، وهذا بكل آسف مانحن فيه. وما أطولك يا ليل.
ما قال ذلك الرجل الجاوي ذات يوم صحيحا اليوم، وهو ما ينطبق من أن أشباح الحكومة لم تأكل الوديعة فقط، بل البلد. ويا آسفي...

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى