تجدد العنف في دارفور يحيي مخاوف الأهالي

> ​عاد عباس عبد الله الى قريته في جنوب دارفور في العام 2016 بعد عشر سنوات أمضاها في مخيمات نازحين لكنه يخشى اليوم أن يكون تسرع في قراره بسبب تجدد هجمات رعاة الماشية من القبائل العربية.
تعرض عبد الله وهو مزارع في الثمانين من عمره ينتمي لقبيلة برقد لاعتداء من قبل رعاة الماشية الرحل المنتمين للقبائل العربية الذين هاجموا قريته حماده الواقعة على بعد 90 كيلومترا شمال شرق مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور.

ويقول عباس لوكالة فرانس برس "الأسبوع الفائت ضربوني بالسوط وأنا في حقلي وأوقفوني تحت الشمس من الصباح حتى الغروب".
ويتابع بأسى "بعد ذلك أطلقوا ماشيتهم لتأكل محصولي. دمروا كل شيء".

عبد الله عباس هو واحد من 700 شخص تقريبا اختاروا خلال السنوات الأخيرة العودة الى قريتهم التي كان يقطنها قبل اندلاع النزاع في دارفور في العام 2003 أكثر من ثلاثة آلاف شخص.
وبالنسبة لهذا المزارع المسن، يعيد الهجوم الأخير الى الأذهان ذكرى أوقات عصيبة جدا مر بها أثناء النزاع بين الأقليات الافريقية في دارفور والميليشيات العربية المدعومة من نظام الرئيس عمر البشير الذي أطاحته انتفاضة شعبية في ابريل 2019.

وأوقع نزاع دارفور، خصوصا خلال السنوات الأولى، أكثر من 300 ألف قتيل كما أدى إلى نزوح قرابة 2,5 مليون شخص، وفقا للأمم المتحدة.
شهدت قرية حمادة واحدة من الأحداث المعروفة جدا أثناء النزاع في دارفور عندما هاجمتها ميليشيات في مارس 2005 وقتلت 127 شخصا، وفقا لناجين.

وتقع على أطراف القرية، مقبرتان لضحايا ذلك الهجوم.
ومع عودة الهدوء، قرر عبد الله الرجوع إلى قريته في العام 2016 خصوصا أن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي كانت تنظم آنذاك دوريات منتظمة بالقرب منها.

واستأنف هذا الفلاح زراعة البرتقال والمانغو والخضار التي يبيعها وتشكل مصدر رزقه.
غير أنه بات يشعر بالرعب بعد موجة العنف التي هزت المنطقة منتصف الشهر الماضي وأوقعت 250 قتيلا وعشرات الجرحى في ولايتي جنوب وغرب دارفور.
ووقعت تلك الاشتباكات الدامية بعد اسبوعين على انتهاء مهمة قوة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور التي ظلت منتشرة في الإقليم 13 عاما. وكانت الأكثر حصدا للأرواح منذ أشهر.

خوف شديد
وحماده ليس الوحيد الذي يشعر بالخوف وإنما هذا الشعور تسلل إلى نفوس آخرين عادوا إلى القرية.
وتقول خديحة بخيت بغضب "إذا ذهبنا لجمع الحطب، يضربنا العرب ويوقفوننا لساعات طويلة". وتضيف "حتى لو معنا رجال فهم يضربونهم".

ويحمل الرعاة من القبائل العربية الذين يهاجمون القرى، أسلحة نارية ويقضون بانتظام على مزروعات الأهالي على ما يقول المزارع محمد آدم.
وتبدو خيبة الأمل واضحة على هؤلاء السكان الذين كانوا يأملون في طي صفحة الماضي عقب اسقاط البشير.

ويواجه البشير، المسجون في السودان منذ اسقاط نظام حكمه، اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم ضد الانسانية" و"إبادة" في دارفور.
وتعهد مجلس السيادة الانتقالي في 2020 تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية ووقعت اتفاق سلام مع عدة مجموعات متمردة في دارفور خصوصا.

وفي الفترة الأخيرة نشرت قوات من الجيش والشرطة في دارفور لمنع وقوع صدامات جديدة.
ورغم ذلك، يرى السكان أن السلطات لا توفر لهم الحماية اللازمة.

ويؤكد المزارع محمد آدم "ثمة أربعة شرطيين في القرية فقط وليس لديهم آلية لتعقب المهاجمين حتى".
ويقول عبد الله محمد شيخ قرية حمادة، التي يعيش سكانها في أكواخ متناثرة مشيدة من عيدان النباتات الجافة، إن الهجمات الأخيرة يمكن أن تردع النازحين الذين كانوا يفكرون في العودة.
ويوضح "مازالوا خائفين بشدة من الميليشيات العربية المسلحة وسيكونون أقل استعدادا للعودة الى القرية الآن".

أ.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى