"أمبريحا" القرية المنسية المظلوم أهلها

> تقرير/ هشام عطيري:

> أمبريحا هي قرية منسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليست مبالغة ولا استخداماً للفظ في غير محله، فتلك القرية الواقعة في الشمال الشرقي من مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، والتابعة إدارياً لمديرية تبن، حقاً لا تعرف أي نوع من أنواع الخدمات، وسكانها كأنهم من عصر غير العصر الذي نعيش فيه.
لا خدمات وتعطل السيارة عطل الحياة..
لا خدمات وتعطل السيارة عطل الحياة..

أمبريحا البعيدة عن الحوطة حوالي 5 كيلو مترات لم تعرف قط الكهرباء أو مشاريع المياه والصرف أو حتى الطرقات، ووسيلة المواصلات الوحيدة هناك عدا الحمير هي سيارة أحد السكان الذي جعلها سبيلاً لمن احتاجها من أهالي قريته، حيث يعصب التنقل لطول الطريق الترابية أو بين الأرضي الزراعية فيموت المريض قبل أن يصلوا به إلى الطبيب. وذلك لأن القرية تخلو من وحدة صحية، وأحياناً يضطرون إلى استئجار سيارة تصل إلى القرية بعد عدة ساعات لطول المسافة في حين أن 20 % من أهالي القرية يعانون من أمراض مزمنة.
ثلاث طفلات من القرية
ثلاث طفلات من القرية

معاناة أهالي القرية المنسية لم تقتصر على وسيلة المواصلات التي يحتاجونها بشدة خاصة في حال المرض أو الموت أو الولادة، إنما هناك واقع أشد إيلاماً تعيشه أمبريحا التي تسكنها حوالي 54 أسرة، فأطفال القرية البالغ عددهم ما يقارب الـ 150 طفلاً حرموا من التعليم لعدم وجود مدرسة في قريتهم، من ذلك العدد فقط 13 طفلاً يدرسون في إحدى مدارس قرية الثعلب المجاورة، متحملين ساعات من السير على الأقدام أو على ظهور الحمير، إنه واقع مرير تعيشه منطقة في مدينة عرفت التعليم منذ زمن بعيد، مرير أن نراه حقيقة في القرن الواحد والعشرين، فالناس هناك يعملون بالرعي والزراعة قبل أن تجف وتتصحر أراضيهم.
أهالي القرية يعملون في الرعي
أهالي القرية يعملون في الرعي

أحمد العبد سيف، أحد أعيان القرية، يعاني المرض الذي لم يستطع معه طلب العلاج رغم ما كان يقدمه للناس في قريته من خدمات "قريتنا تعاني الفقر، جميع السكان هنا بلا وظائف حكومية، يعتمدون فقط على الرعي وتربية الماشية، حتى المنظمات لم تدخل إلى هنا لتقديم المساعدات، إذا لم توجد الماشية فقد يعيش الناس في فقر مدقع".
الحالة المعيشية للمواطنين انعكست على المواشي
الحالة المعيشية للمواطنين انعكست على المواشي

وحكى لنا العم سيف أنه كان لديه سيارة نوع "لاند روفر " يستخدمها لمساعدة الناس وإسعاف مرضاهم ونقل جثامين موتاهم كونها السيارة الوحيدة في القرية، لكنها تعطلت وهو عاجز عن إصلاحها بسبب مرضه.
وقال: "القرية تعاني الكثير، فلا مدرس هنا أو طريق، ولا حتى وحدة صحية أو مياه نقية للشرب، كأن الدولة لا تعلم أن هناك قرية اسمها أمبريحا، فلا مسؤول كبير أو صغير زارها من قبل".
منظر للقرية
منظر للقرية

سعيد عبدالله عوجري روى لنا قصة معاناة حقيقية حدث قبل زيارة "الأيام" للقرية بخمسة أيام، إذ توفيت امرأة أصابها مرض مفاجئ، بينما كانت تجهز الفطور لأولادها، "وصلت وسيلة النقل إلى القرية بعد ثلاث ساعات من الوفاة".
أطفال في انتظار المجهول
أطفال في انتظار المجهول

وأضاف: "كانت هناك سيارة وحيدة موجودة بالقرية يتم من خلالها نقل المرضى وغيرهم إلا أنها عاطلة ومالكها مصاب بجلطة، حالياً العديد من حوادث الوفاة تشهدها القرية لم تمكن الناس من نقل ذويها المرضى، منها وفاة فتاة ليلة دخلتها لعدم تمكننا من إسعافها، العديد من المرضى هنا طريحو الفراش لم يجدوا من يسعفهم، كما أنه لا يوجد طريق رئيس عدا طريق رملي بين الكثبان طويل ومتعب للغاية".
أطفال خارج المدرسة
أطفال خارج المدرسة

عند زيارتنا لأمبريحا صادفنا الشخصية الاجتماعية، الشيخ ناصر جعفان قاسم العبدلي، أحد أعيان مدينة الحوطة الذي كان في زيارة لأحد أصدقائه بالقرية، وقال: "هذه المنطقة هي تندرج في إطار مديرية تبن، ولي معرفة شخصية بأحد أبنائها هو أحمد العبد سيف، هذا الرجل المقعد الذي لا يمتلك أي مصدر دخل ولديه أسرة كبيرة جداً تعتمد اعتماداً كلياً على تربية الأغنام، برأيي إذا انتهت ونفقت الأغنام فالأسر هنا سوف تباد".
استخدام الحمير في جلب المياه بعد تعطل البئر في القرية
استخدام الحمير في جلب المياه بعد تعطل البئر في القرية

وتابع: "أمبريحا محرومة ومنسية كأنها لم تسجل ضمن خارطة البلاد لا تعليم لا كهرباء لا ماء ولا أي مقومات للحياة الإنسانية، مثل ما ترون على أرض الواقع ليس لها ذكر لا بالمحافظة ولا بالمديرية ولا حتى عند المجلس المحلي، أنا أعرف هذه القرية جيداً كانت بحال أحسن عندما كان الديزل رخيصاً، كان الناس يعتمدون على رعي الأغنام والزراعة، لكن الآن بعد غلاء الديزل أصبحوا ينقلون الماء من قرية المجحفة عبر الحمير".
يحفظون الماء في أواني بلاستيكية
يحفظون الماء في أواني بلاستيكية

وأشار جعفان إلى أن هناك بعض الأطفال والنساء "يموتون في منازلهم وما معهم حق العلاج، وحالة الوالد أحمد العبد سيف خير شاهد، فمنذ انتهاء الحرب في المحافظات الجنوبية، وبهذا الحال رغم ما كان يقدمه من خدمات بواسطة سيارته، لم يجد اليوم من يساعده وينقله".
نقل المياه على الحمار من مسافات بعيدة
نقل المياه على الحمار من مسافات بعيدة

وناشد جعفان كل من له ضمير وإنسانية وفاعل الخير أن يتجه إلى هذه القرية، فالأطفال بحاجة إلى تعليم وصحة، القرية بحاجة إلى ماء وكهرباء وإلى مقومات الحياة الأساسية" لا أحد من المسؤولين يحترم هؤلاء المحتاجين الذين كانوا في يوم من الأيام يوردون الخضار إلى لحج وعدن، من في قلبه كرامة وإنسانية عليه إنقاذ القرية من الضياع، وإنقاذ هذا الرجل المقعد الذي لم يتلقّ العلاج لانعدام الإمكانيات، أين أنتم من هذه القرية؟ هنا أكثر الأماكن احتياجاً، بل هي معدمة لا يوجد بها أي شكل من أشكال مقومات الحياة".
صاحب السيارة كان يخدم الناس في القرية
صاحب السيارة كان يخدم الناس في القرية

وأجدد المناشدة لكل من كان مسؤولاً وعنده ضمير وكرامة ويحب الخير، أن يتجه إلى هذه القرية وينقذ أيضاً هذا الرجل المقعد الذي لم يتعالج إلى الآن ولم يذهب إلى أي مستشفى نظراً لعدم إمكانياتهم.
وتساءل جعفان: أين هم من هذه القرية؟ هذه القرية أكثر فقراً واحتياجاً، وقرية معدمة لا يوجد بها شيء من مقومات الحياة.
مواطنين يبحثون عن الخدمات
مواطنين يبحثون عن الخدمات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى