السلام الكوروني في اليمن !

> لطفي النعمان

> لكل طرف يمني أولوياته وغاياته ووجهة نظر خاصة تختلف تماماً عن وجهة نظر وغايات وأولويات الطرف اليمني الآخر. ولا يعجب لهذا من يدرك أن لكل يمنيٍ يمنَه الخاص، إنها اليمننة، وإن اتفقت مفردات الخطاب المشترك بين الأطراف اليمنية المختلفة فليس ثمة اتفاق حقيقي وجاد في ما بينهم حول اليمن كوطن للجميع، وبالتالي كيفية تحقيق السلام لليمن.

حتى السلام... لكل طرفٍ سلامُه، واشتراطات خاصة تكفل تحقيق هذا السلام الذي يريده على هواه ووفق معطياته ومرجعياته الخاصة بوصفه "محور الكون"، وهي تختلف تماماً عن سلام الطرف أو "محور الكون" الآخر واشتراطاته وهواه ومعطياته ومرجعياته الخاصة، بل تستهدف وجوده ونفوذه.
هنا تجد مشتركاً واحداً يجمع الأطراف المتنافرة وأيدي سبأ المتفرقة ومحاور الكون المتقاتلة على أرض سبأ وهو البقاء.

وبقاؤهم مرهونٌ ببقاء الحرب مشتعلة، والأزمة مستمرة ومعها معاناة الناس - الذين يريدون البقاء أيضاً! - غاضين الطَرْفَ عن أن عدم الاكتراث لمصير الناس، يقتل الناس ويحرمهم حقوقهم الدستورية والقانونية، ويعيدهم إلى مغارة الماضي، وإن استخدموا تقنيات العصر للتعبير عن المعاناة الإنسانية التي تثير مشاعر الأوساط الدولية فتبتز أعصاب القوى الإقليمية...!

الناس... أي ناس...؟ الإنسانية... ما هي؟ الدستور والقانون... ما هما...؟ الحقوق... أي حقوق؟
إنهم يتمتعون بحق التنفس ويؤدون واجب البقاء "موتى على قيد الحياة"...!

لا يزالون أحياء ولو بانقطاع الخدمات. الغاز غير مهم. النفط ليس مهماً. الكهرباء وتوافر المياه والغذاء وسلامة البيئة ليست ذات أهمية. والرواتب مفقودة!
إنهم فئة صامتة، أي كما قال أحد الساسة يوماً: "الصامتون أصفار ليسوا ذوي قيمة، وإن أرادوا هم أيضاً البقاء". لكن بقاء الفاعلين أكثر قيمة. الأهم حضورهم هم بشعاراتهم... ومخرجاتهم... ومدخلاتهم.

وقيمتهم تكمن بالحرب والفساد. الحرب تعني لهم الكثير الكثير. أما السلام بتوافق الجميع، فليس يعني لهم شيئاً. فالسلام كلمة تلوكها ألسنهم حد فقدان معناها الحقيقي، وتوافق الجميع مستحيلٌ رابع يلحق الغول والعنقاء والخل الوفي...!
معنى السلام عندهم فساد أقل - لأن الفساد ممتد لن ينقطع - وتوافق الجميع يعني حضوراً باهتاً وسط دائرة الضوء. وإذا قبلوا السلام، فلفترة وجيزة... أو إنه يتم الآن بطريقة تتناسب مع طريقة السلام الذي فرضته جائحة كورونا!

"السلام الكوروني"... سلامٌ مكممُ نفسياً وذهنياً، يُبقي الأطراف في عزلة تحول دون الذهاب إلى السلام المنتظر. ولا عزاء لمن ينتظر اللقاء سريعاً في سبيل السلام... بينما يسقط يومياً الضحايا من كل جانب، وتدمن الأكُفُ دفن الشهداء.
السلام الكوروني في اليمن... سلامٌ بلا تلاقٍ خلاق لإجراءات مستقبلية يتشاطرون مسؤوليته، هو سلام عدم التحمل الجاد للمسؤولية خلال زمن الحرب، فكيف بما بعده، إذ سيبقون متأثرين بنمط سلوك مستهجن سيسحب نفسه على زمن ما بعد الحرب.

لكل زمان أهله، من شيب وشبان، ولكل مرحلة متطلباتها وعناصرها التي يتناسب تفكيرها وطبيعة المرحلة، فلا يتولى المسؤولية من بعد عدمي، أو مُعارِض بلا رؤية بديلة، أم مقاتل يأبى التعايش والحوار. تعدم بهم مسؤولين بروح المسؤولية الحقة.
وحتى لا يقع الظلم على أحد أو يشعر بضيم الآخرين فعليهم تقبل فكرة المغادرة. وأن يتقبل غيرهم التهيؤ لتحمل المسؤولية.
وإلى أن يتقبل الجميع ويتوافقوا - وهو المستحيل الرابع - يبقى الحال على ما هو عليه!

"النهار اللبنانية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى