اللامبالاة.. وصفة اليمنيين الفريدة في مواجهة كورونا

> ​بعد مرور حوالي عشرة أشهر على إعلان الاشتباه بأول إصابة بفايروس كورونا في اليمن، لا يزال الفايروس يشكل لغزا محيرا في البلد العربي الأكثر فقرا وهشاشة في البنية التحتية لقطاعه الصحي.

فبالرغم من مخاوف الأمم المتحدة من أن يؤدي تفشي الوباء في البلد -قُبيل انتشاره بالفعل- إلى كارثة إنسانية كبرى جرّاء تدهور الأوضاع وقلّة وسائل الوقاية والحماية والعلاج، إلاّ أن التداعيات الناجمة عن انتشاره خالفت التوقّعات.

واستندت المخاوف الأممية إلى عوامل أبرزها الانهيار واسع النطاق للخدمات لاسيما نظام الرعاية الصحية جرّاء الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ستّ سنوات.

وفي تمايز مع موجة الهلع التي سادت دولا عديدة في الأشهر الأولى لانتشار الوباء، قابل اليمنيون الأمر بالكثير من اللامبالاة وعدم الاهتمام. وأوجد هذا الوضع صعوبات أمام الحكومة المعترف بها دوليا وسلطة الأمر الواقع التي يديرها المتمرّدون الحوثيون في مناطق سيطرتهم لتطبيق الإجراءات الاحترازية التي تمّ اعتمادها في باقي بلدان العالم لمنع تفشي الوباء.

وبالرغم من أن منظمات ووكالات إغاثية أممية بذلت جهودا للتوعية بمخاطر الوباء ونشرت إرشادات وقائية وشددت على ضرورة التباعد الجسدي، إلاّ أنّ مظاهر استجابة المجتمع اليمني لهذه العملية ظلت ضعيفة إلى حدّ بعيد.

وحتى منتصف الأسبوع الجاري بلغ إجمالي حالات الإصابة بالفايروس المعلن عنها في اليمن 2363 حالة منها 643 حالة وفاة و1435 حالة تعاف، وفق إحصاءات حكومية.

وتتوزع هذه الحالات على عشر محافظات هي عدن ولحج وأبين والضالع والمهرة وحضرموت وشبوة والبيضاء وتعز ومأرب. لكنّ الإحصاءات لا تشمل المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي التي تواجه اتهامات بإخفاء العدد الحقيقي لضحايا كورونا وبفرض قيود على جهود المنظمات الأممية لمواجهة الجائحة.

وفي ديسمبر الماضي سجل اليمن 16 حالة إصابة بكورونا الأمر الذي يعني انحسار تفشي الوباء إلى حدّ كبير. لكن الأمم المتحدة تشكّك بشكل متكرر في الأرقام المعلنة لعدد الإصابات وتقول إنها أقل بكثير من العدد الحقيقي. كما تساور المنظمة الدولية شكوك بوجود أسباب عديدة خلف استمرار تدني حالات الإبلاغ عن الإصابة بين اليمنيين.

وفي 20 يناير الماضي أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن في تقرير بـ”وجود عوامل عديدة أثرت سلبا على مستوى الاستجابة للجائحة”. وأبرز هذه العوامل حسب التقرير “النقص الحاد في التمويل للعاملين في مجال الصحة والتأخر في استيراد مستلزمات مواجهة الفايروس”.

وبالقدر ذاته من اللامبالاة التي أظهرها أغلب السكان تجاه الوباء لم يُلاحظ عليهم أي اهتمام بالإعلان عن التوصل إلى لقاحات مضادة ولا بالسباق بين الدول للحصول على جرعات منها. وهذا الوضع ساهم، وفق مراقبين، في تخفيف الضغط على الحكومة اليمينة المعترف بها دوليا.

ويُرجع الطالب الجامعي عبدالرحمن السامعي عدم اهتمامه بتوفر اللقاح إلى أنّ الوباء لا يشكّل، في نظره، خطرا على حياة اليمنيين أكثر ممّا تشكّله أزمات وكوارث أخرى عديدة.

ويضيف متحدّثا لوكالة الأناضول “الإحصاءات الرسمية أظهرت انتشارا محدودا للوباء ما دفع الناس إلى التشكيك بحقيقة وجوده، ومن ثم إهماله”.

والثلاثاء الماضي أعلن وزير الصحة اليمنى قاسم محمد بحيبح أن بلاده ستحصل على 12 مليون جرعة من لقاح كورونا تكفي لتطعيم ستّة ملايين شخص.

وفي الرابع من فبراير الماضي أعلنت وزارة الصحة أنها تقدمت بمشروع عبر منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاح. وأوضحت في بيان أنّ “المشروع يتضمن قيام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتمويل كلفة لقاح يصل إلى تغطية سبعين في المئة من السكان”، موضّحة أنّ “أولى دفعات اللقاح ستصل إلى اليمن مع بداية الربع الثاني من العام الجاري بمعدل مليونين و316 ألف جرعة كافية لتطعيم أكثر من مليون يمني”.

وفي الخامس والعشرين من الشهر نفسه أعلنت الوزارة أنها وافقت على الاستخدام الطارئ للقاح أسترازينيكا البريطاني. وقالت إن هذه “الخطوة تمهد لاستيراد الدفعة الأولى من هذا اللقاح والبدء بتنفيذ أولى جولات حملة التطعيم”.

ويرى خبيب العتواني الدكتور الصيدلي أنّ “الأوبئة والحميات الفايروسية التي ضربت اليمن خلال أعوام الحرب ساهمت في حالة اللامبالاة السائدة تجاه وباء كورونا”.

وأسفرت أوبئة منتشرة في اليمن منذ أعوام، أبرزها حمّى الضنك والشيكونغونيا والملاريا والكوليرا والتيفوئيد، عن وفاة وإصابة الآلاف من اليمنيين.

ويقول العتواني “حتى لو أبدى الناس اهتماما تجاه اللقاح فليس هناك ضمان أو ثقة في قدرة الحكومة على توفيره للجميع”، مضيفا “تبدو الحكومة عاجزة وفاقدة للقدرة على اتخاذ القرار”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى