كورونا يدق ناقوس الخطر في اليمن

> أ.د. عبدالله سالم بن غوث*

> لماذا وادي حضرموت أكثر وبائية؟ وماذا عن السلالة الجديدة؟
في فترة قياسية الموجة الثانية تتجاوز ذروة الموجة الأولى
أ. د. عبدالله بن غوث
أ. د. عبدالله بن غوث
وأخير وصلت الموجة الثانية من جائحة كوفيد-19 إلى اليمن بعد أن اجتازت دول عظمى، فقد وصل العدد التراكمي لحالات الكوفيد-19 المؤكدة مخبريا منذ بداية الجائحة في اليمن بتاريخ 10 أبريل 2020م إلى تاريخ كتابة هذا التقرير (13 مارس 2021م) إلى 2771 حالة و683 وفاة بنسبة وفيات من الكوفيد19 تبلغ 24,6%. وبمتابعة المنحنى الوبائي منذ بدء الجائحة إلى الأن يتبين أن اليمن تمر الأن بموجة ثانية أكثر انتشارا. فالموجة الأولى في عام 2020م نتجت عنها 2092 إصابة و609 وفاة بنسبة وفيات 29% واستمرت منذ العاشر من أبريل (الأسبوع الوبائي الخامس عشر) من عام 2020م وانحسرت تدريجيا بدء بالأسبوع الوبائي رقم 39 أي في الأسبوع الممتد من 19 إلى 26 سبتمبر 2020م بينما سجلت حالات فردية إلى نهاية عام 2020م. وقد بلغ المنحنى الوبائي للموجة الأولى ذروته في الأسبوع الوبائي رقم 24 (الممتد من 6-13 يونيو 2020م) بعدد 236 حالة مؤكدة مخبريا خلال أسبوع الذروة. واستمرت الحالات الفردية بعد انحسار الموجة الأولى حتى بداية شهر فبراير 2021م وتحديد الأسبوع الوبائي الخامس لعام 2021م (الممتد من 5 إلى 12 فبراير 2021م) حيث بدأت الحالات تتزايد تدريجيا منذرة بموجة وبائية ثانية وبسرعة فائقة وفي فترة قياسية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة (من تاريخ 19 فبراير إلى 12 مارس 2021م) حدث الانفجار الوبائي للموجة الثانية التي نعيشها حتى هذه اللحظة. وقد سجلت خلال هذه الأسابيع الثلاثة الأخيرة إجمالي 612 حالة مؤكدة مقارنة بـ 510 حالة مؤكدة في أسابيع الذروة في الموجة الأولى. ويلاحظ أيضا أنه سُجّل في هذا الأسبوع (5-12 مارس 2021م) 327 حالة مؤكدة مخبريا وهو يتجاوز العدد المسجل في أسبوع ذروة الوباء في الموجة الأولى (236 حالة مؤكدة) ولا زال المنحنى الوبائي للموجة الثانية مستمرًا تصاعديًا ولا ندري متى سيكون انحسار الموجة الثانية في ظل الإمكانيات العلاجية المحدودة وانعدام التدخلات الوقائية الفعالة. جدير بالذكر أن أقسام العناية المركزة في بعض المستشفيات زادت فيها الحالات عن قدرتها الاستيعابية مثل مستشفى الجمهورية بعدن وهو مؤشر ينذر بكارثة إذا استمرت الموجة الثانية في الانتشار.

وفي تحليل الانتشار الجغرافي للجائحة تسجل مديريات وادي حضرموت العدد الأكبر للإصابات المؤكدة بأجمالي تراكمي 691 حالة منذ بداية الجائحة (25% من الإجمالي التراكمي) بينما في الأسبوع الأخير من هذه الموجة الثانية سجل في الوادي 130 حالة مؤكدة من إجمالي 312 حالة في عموم اليمن أي بنسبة 41,6% وهي نسبة لم تسجلها المحافظات ذات الكثافة السكانية مثل تعز وعدن، مما يبرز سؤالًا وجيهًا لماذا وادي حضرموت أكثر وبائية؟ هل يكمن ذلك في تحسّن أداء الترصد واكتشاف المزيد من الحالات؟ هل نتيجة حركة الناس الوافدة من المحافظات القريبة (مثل مأرب وصنعاء)؟ أم هي سلالة جديدة من الفيروس؟ ومع اعتقادنا بأن كل هذه الفرضيات واردة إلا إن ما يهم الأن كيف سيتم احتواء هذه الموجة الثانية وماذا بعد؟

كثر الحديث مؤخرا عن ظهور طفرات وتحوّر لفيروس كورونا نتج عن ذلك التحوّر سلالات جديدة منها على الأقل أربع سلالات منتشرة في كثير من دول العالم ونعتقد أن الموجة الثانية لها ارتباط بظهور السلالات الجديدة في بعض الدول. وفي اليمن ونحن نعيش الموجة الثانية مع شدة حدوثها لا تتوفر معلومات عن أي سلالة جديدة وإذا كان لها علاقة بالموجة الثانية أم لا، لكن عدم توفر المعلومات أو عدم إمكانية التأكد من ذلك محليا لا يعني عدم وجود سلالة جديدة، وفي ظل وضع طوارئ استثنائية يعيشها اليمن أثّرت على كل التفاصيل الحياتية للإنسان داخل البلد ومع شدة انتشار الموجة الثانية من غير أفق واضح للاحتواء والوقاية فأن ظهور سلالات جديدة وموجة ثالثة ورابعة أمر وارد.

ومع دخول عدد من اللقاحات ضد فيروس الكورونا العمل الوقائي عالميا وهو بصيص أمل في احتواء الجائحة عالميا يبقى السؤال الأهم كيف يؤمن اليمن لمواطنيه هذا اللقاح؟ لا شك أن لدى وزارة الصحة رؤية بذلك وبناء على حسن الظن أن لدى الحكومة سياسة وطنية مكتوبة لبرنامج تلقيح آمن وفعّال ضد فيروس الكورونا ضمن أولويات محددة لكن لا ندري كم من الوقت سننتظر حتى يحقق البرنامج تغطية صحية شاملة باللقاح؟!

نرجو أن يلطف الله بعباده في اليمن وتنجلي هذه الموجة إلى غير رجعة، ولكن للأخذ بالأسباب وحسب المعطيات الوبائية والإمكانات المتاحة نرى أن الحل يتلخص في اتجاهين متوازيين: الأول تعزيز أقسام العناية المركزة في كل المستشفيات الرئيسة في كل المحافظات اليمنية بما فيها توفر التجهيزات وزيادة السعة السريرية ودعم الكادر لعلاج المرضى المصابين بالكوفيد-19. والاتجاه الثاني هو تحقيق التغطية الشاملة بلقاح ضد فيروس كورونا المستجد وفي فترة أقصاها نهاية عام 2021م. ومع اعتقادنا أن كلا الاتجاهين فوق قدرة اليمن على تنفيذه فأن المسؤولية الأخلاقية تقع على الدول الكبرى ودول الجوار والمنظمات الدولية فهل من مستجيب؟

* مستشار وزير الصحة العامة والسكان للوبائيات .
أستاذ طب المجتمع/ جامعة حضرموت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى