رسالة باليد

> سمعت قصة طريفة حدثت لقائد عسكري جنوبي شهير، في ثمانينيات القرن الماضي، تقول إن هذا القائد كان لا يرسل شيئاً من راتبه لأسرته الميسورة، بمقاييس يسر زمن تلك الواقعة، وعندما تصله رسائل من والده كان يضعها في الدرج، ثم يكتب رسالة لوالده، ويسأل عن أحوالهم ويطلب منهم تطمينه عن أحوالهم ولو حتى برسالة.

تكرر هذا الأمر، هو يرسل رسالة لابنه القائد، وابنه يضعها في درج المكتب، ثم يرسل رسالة يسألهم لماذا لم تراسلوني، ولم يجد الأب من وسيلة سوى أن يطلب من أحد أبنائه كتابة رسالة، ويضعها في جيبه ويستقل سيارة الأجرة إلى المحافظة التي يقع فيها معسكر ابنه، وهكذا فوجئ القائد بوالده يدخل مكتبه قائلاً، خذ هذه الرسالة يداً بيد.

حالنا مع حكومة معاشق ومع التحالف ومع المبعوث الدولي، كحال الأب مع ابنه القائد العسكري.
عبرت الناس بكل الوسائل عن المعاناة، من الاعتصام أمام مقر التحالف إلى إغلاق الموانئ إلى الكتابات والمناشدات بكل وسائل الإعلام والتواصل، لكن هذه الرسائل لم تصل إلى سماع من يعنيهم الأمر في الحكومة والتحالف، ولم يبق أمام الناس إلا توصيل رسالتهم إلى مقر الحكومة في قصر معاشق لتسلمها يداً بيد.

هناك من حاول ويحاول أن يختلق روايات من نسج الخيال، وهناك من سيقول: إن الفعالية جهوية، لكن الجوع لم يستثنِ أحداً، فمعيشة الناس ساءت بفقدان الأجور 80 % من قوتها الشرائية، والخدمات كل يوم تسوء أكثر، وأسعار السلع لم تعد في متناول السواد الأعظم من الناس، ولم نسمع إلا وعوداً كاذبة أو تعبيراً عن قلق (جريفيثس) ولا شيء غير ذلك.

على إثر واقعة معاشق وجه الأشقاء في المملكة دعوة إلى شركاء اتفاق الرياض لجولة ثالثة من (دبلوماسية بوس اللحى)، وهي نوع من الدبلوماسية لا تنظر إلى الأسفل لترى معاناة الناس، وتكتفي بترضيات نخبوية تنتهي بالأحضان.
واقعة دخول معاشق من قبل متظاهرين جنوبيين تمثل نقلة جديدة في مسيرة النضال الوطني الجنوبي بعد استنفاد كل وسائل التعبير، تلك الوسيلة هي (توصيل الرسائل باليد).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى