الرئيسة التنزانية ذات الأصول الأبينية

> عندما كنت طالبا في أكاديمية العلوم الاجتماعية وإدارة المجتمع ببلغاريا، كان الطالب التنزاني محمد حسن زميلي في الدراسة ومن نفس الدفعة (1983 – 1988م). كان محمد مرحا وسريع القهقهة لأتفه الأسباب وأحيانا لمجرد لقائك به.
كنت مثل الكثير من الزملاء من بلدان مختلفة، أتعمد وأنا أقابله، في الكوريدور أو الطريق أو البوفيه أن أناديه بصوت مرتفع: تشاما تشا (CHAMA CHA)، فيجيب أوتوماتيكيا كالآلة المبرمجة، مبتسما ابتسامته العريضة: مابانديزا (MABANDIZA).

وتشاماتشا مابنديزا، هو حزب التحرير الوطني التنزاني الذي أسسه زعيم تحرير تانزانيا من الاستعمار البريطاني أواخر الخمسينات، ومطلع الستينات ومؤسس دولتها الحديثة القائد التاريخي جوليوس نيريري.

تذكرت تلك المسميات والحوادث الصغيرة عديمة الأهمية وأنا أقرأ خبر فوز السيدة سامية حسن صلوحي (عن حزب تشاماتشا مابانديزا)، برئاسة جمهورية تنزانيا، خلفاً للرئيس المتوفى جون ماجافولي، الذي وافته المنية يوم الأربعاء 17 مارس 2021م متأثرا بنوبة قلبية، كما أعلنت نائبته السيدة سامية، بينما يقول معارضوه إنه توفى متأثرا بفيروس كورونا الذي كان يرفض الاعتراف بوجوده.

السيدة سامية حسن صلوحي فازت منذ نحو ستة أعوام بمنصب نائبة رئيس الجمهورية عن نفس الحزب، ثم فازت في دورة انتخابية ثانية عقدت في أكتوبر الماضي (2020م) وبموجب الدستور التانزاني غدت رئيسةً للجمهورية بعد وفاة الرئيس بعد أن أدت اليمين الدستورية، أمس الجمعة، أمام رئيس المحكمة الدستورية.

فمن هي سامية حسن صلوحي؟
السيدة سامية، رئيسة جمهورية تنزانيا
السيدة سامية، رئيسة جمهورية تنزانيا

سامية حسن هي ابنة الصياد الأبيني حسن صلوحي الذي غادر مدينة شقرة الأبينية في العقد السادس من القرن الماضي بحثا عن الرزق في بلاد الله الواسعة، حتى استقر به الحال في مدينة دار السلام التنزانية التي كانت في بداية أيام تحررها.

عانى العم حسن في بداية حياته في تانزانيا، بعد أن تزوج من سيدة تانزانية، وأنجبت له ابنته سامية، لكن حظا ابتسم له عندما أسس مزرعة لتربية الأغنام، تاركا مهنة صيد الأسماك التي لم تسعفه في أبين، فكسب منها مالاً مكنه من شراء منزل وتحقيق مكاسب سمحت له بالعناية بابنته وتعليمها أفضل تعليم، وبفضله أكملت سامية المدرسة الثانوية، وواصلت الدراسة الجامعية في تخصص الإدارة ثم الإحصاء.

وفي العام 2000م انخرطت سامية في عالم السياسة في إطار الحزب الأكثر شعبية (حزب الزعيم التاريخي نيريري)، وتقدمت في صفوفه حتى صارت عضوا في هيئته المركزية، وتولت عدة وزارات من نصيب الحزب، حتى اختارها الرئيس المتوفى نائبة له في ولايته الأولى عام 2015م، ثم في الولاية الثانية 2020م، وبذلك ستبقى رئيسة للجمهورية لأربع سنوات قادمة، هي ما تبقى من الولاية الثانية للرئيس المتوفى، وقد تفوز في انتخابات قادمة فيما لو نجحت في إدارة البلد المتعدد العرقيات، الذي لا يخلو من تحديات بعضها مستعصية.

والرئيسة سامية هي ثاني رئيسة جمهورية في العالم من أصول يمنية جنوبية بعد رئيسة سنغافورة السيدة حليمة يعقوب، التي فازت بالرئاسة منذ نحو عامين في انتخابات تنافسية ديمقراطية في ذلك البلد الصغير الغني، ذي السمعة الواسعة الانتشار.

ما يلفت النظر أن السيدتين سامية وحليمة عربيتان مسلمتان، انتخبتا لمنصب الرئاسة في بلدين متعددي الأديان والأعراق، لكن غياب التعصب الديني والأهم غياب التمييز على أساس الجنس أو العرق أو القومية، مكن هاتين السيدتين الحضرمية الأصل، والأبينية الأصل، من الوصول إلى سدة الرئاسة بالوسائل الديمقراطية المدنية المتمدنة.

مبروك لأهل شقرة وأهل أبين وصول ابنة عمهم إلى رئاسة جمهورية واحدة من أجمل جزرها زنجبار توأم عاصمة أبين زنجبار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى