(كتابة على جدران الطريق الآمن)

> أن تتعثر وتسقط أمرٌ واردٌ شريطة أن يلي سقوطك النهوض مجدداً، وألّا تكرر تعثرك بنفس الطريقة. أن يدفعك أحد من مسار ضيق فتفقد توازنك لتقع من أعلى إلى أسفل الطريق، ذاك أمر يمكن حدوثه أيضاً، وعليك أن تنهض بسرعة لمواصلة المسير، ويصبح من الضرورة التركيز على من يحيط بك من الناس من مختلف الاتجاهات ففيهم المخادع والمخاتل وفيهم عديم الضمير والمصلحي والمتصيد لزلاتك، وربما فيهم من يتمنى ابتعادك ليس عن الطريق السوي فحسب، بل يتمنى نهايتك المطلقة. يصبح الأمر أكثر أهمية وخطورة، حين تكون قائداً لغيرك. حين يعتمد مصير الملايين من البشر وحاضرهم ومستقبلهم والأجيال القادمة من بعدهم عليك وعلى فعلك في الحياة في قيادتهم نحو المستقبل، وعلى صوابية منهجك وسيرك في الحياة. إن أهمية دور القائد تتمثل أول ما يتمثل، في صنع الثقة المتبادلة مع شعبه والملايين الذين منحوه ثقتهم (كانت الثقة كبيرة سابقاً)، وهذا يتبدى في شفافية التعامل وصدق القول والفعل وتمتينهما (الثقة والشفافية) في المقام الأول، يأتي بعد ذلك اختيار الأخيار من الجهات والأطراف من ذوي المصلحة في نجاحك، لا سيما حين يكون نجاحك نجاحاً لهم بشكل أو بآخر. وقد يكون هؤلاء من الداخل أو من الخارج. فالحياة في أساسها تبادل مصالح.

أول شروط الشفافية بين القائد والجماهير التي يقودها هو التلاحم بين القائد وشعبه وتعاضدهم فليس مَنْ يقود شعبه عبر شاشات التلفزة وقنوات النت قائداً، وليس مَنْ يكتفي بجهاز التلفون لإرسال واستلام المعلومات عبر الوسائل الفضائية المخترقة من قبل من يسوى ومن لا يسوى من الدول وشركات الاتصالات، بل حتى العصابات النتنة وإن شئت سمها بالجيوش السيبرناتيكية، قائداً.

إن الشعوب حين تتعرض للتجويع، وتتعرض لكل أنواع الحروب الخدمية، وتتعرض لحرمانها من أهم وأبسط حقوقها القانونية، ومع ذلك تستمر في الصمود على مبادئها، وتقاتل وتقدم رجالها قرابين على مذبح الحرية لنيل حقوقها المشروعة، بقوانين الأرض والسماء إنما تلوي سلاسل ثقتها على رقاب من يقودها، والنتيجة المفترضة لهذا أن يكون القائد أكثر وضوحاً وصدقاً مع شعبه وأكثر إخلاصاً ووفاء لشعبه وناسه.

تتحالف الناس، أفراداً وجماعات ودولاً، على أمور مختلفة ومتنوعة بغية تحسين أوضاعها وليس في ذلك ما يعيب، سوى أن تكون هذه التحالفات غير مبنية على أسس قانونية أو حتى عرفية، وفي أوراق التحالفات توضح أسس التحالف ونوعيته وواجبات كل طرف تجاه حليفه وحتى تجاه من يجابهه التحالف. لكن لا تبنى التحالفات على مبادئ وهمية وغير موثقة ولا تبنى التحالفات على حسن النوايا ودعاء الواعظين وعبارات (الربع والنص والثمن)، أقول: يكفي الاطلاع على وثائق التحالفات القبلية حتى نتعلم منها دروساً هي في حكم البديهيات، لكي نقيم أنفسنا وتحالفاتنا مع غيرنا.

الحياة ولا أحد غيرها كشفت لهذا الشعب أي طريق بالغ الخطورة هم يسيروننا فيه تحت مسمى الطريق الآمن. الحياة وأفعال بعض المتحالفين معنا هي من أرتنا كمية الفجر التي يحملها هؤلاء الحلفاء لنا في عدائهم معنا، أقصد في تحالفهم معنا. أنا لا أعتقد أننا بحاجة إلى دلائل أخرى أكثر مما نراه ونسمعه من هؤلاء الفسقة الأعداء. إنني أعتقد أن الأيام الماضية قد بينت خطورة الوضع، وتبين طفح صبر الشعب على الحلفاء والقيادة التي يفترض أنها تقودنا، وهذا بدوره يجرنا للدعوة الصادقة لقيادتنا الجنوبية الانتقالية بأن تعيد النظر في كل ما جرى ويجري وسيجري، وأن تنهض (إن استطاعت)، وأن تعدل من نهجها وسياساتها التي أوجعتنا، وأن تصلح الأمور التي كانت سبباً في أوجاعنا وآلامنا. وعلى القيادة أن تدرك أننا لسنا (كشعب) نحمل من البله ما يسمح للقيادة أن تركب على ظهورنا مرة أخرى إن تقطعت بها السبل كما نسمعهم يقولون. إن الالتحام بالشعب وجماهير الجياع إن لم يتم في الزمن اللازم وفي اللحظة المناسبة، فإنه سيجعل منا حميراً تركب على ظهرها القيادة. وحاشا أن نكون حميراً.

كتبنا ذلك إبراء للذمة مع إدراكنا أن المواطن البسيط يعلم من الأمور ما هو أكثر مما أوردناه. وننصح القيادة بأن تستمع لما يقوله ويكتبه الناس في كل وسائل التواصل، وليعلموا أن الناصحين لا ينافسونهم على مراكزهم، فكل ما نطلبه أن يكونوا رجالاً على مستوى المسؤولية. والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى