اليمن بعد انقضاء السنة السادسة من الحرب إلى أين؟

> تحليل خاص بـ"الأيام":

> مع بداية السنة السابعة على الحرب في اليمن، أصبح الصراع أكثر تشرذما، فقد شهدت اليمن اتساع التشرذم في معسكر الشرعية، يقابله تعميق سلطة الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها. الحكومة اليمنية، بقيادة رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، التي ولدت منذ 3 شهور لا زالت ضعيفة، وتعاني من عقبات جمة، منها على سبيل المثال نقص الموارد، ولذا أصبحت غير قادرة علي توفير الخدمات الأساسية، ولم تلقِ الدعم الكافي من المجتمع الدولي.

إن تمكين الحكومة هو عامل أساسي لوضع حد للصراع في اليمن، وبالرغم من كل التحديات التي تواجهها والضعف الذي تعيشه، تبقي حكومة الدكتور معين عبد الملك تمثل غالبية القوي السياسية اليمنية، عدا الحوثيين، وقد تمثل جسرا لعملية بناء إجماع سياسي يمني لعملية سياسية شاملة. إن دعم الحكومة وتمكينها سيكون الخطوة الأولى في عملية سياسية تعالج جذور المشكلة اليمنية، التي بدأت يمنية-يمنية أساسا.

هناك توجهات دولية لتصوير هذه الحكومة بأنها جزء من الصراع بدلا من اعتبارها عاملا من عوامل إحلال السلام؛ ولذا تتحفظ على دعمها، كما فشلت القوي الإقليمية في تقديم الدعم اللازم برغم أنها ولدت برعايتها.

إن التشرذم داخل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ساهم بشكل مباشر في إضعاف الحكومة وشرذمة معسكرها، فالسعودية تستمر في دعمها للرئيس هادي، بينما ينحاز الإصلاح أكثر وأكثر لتركيا وقطر، والإمارات العربية المتحدة تمارس نفوذها من خلال المجلس الانتقإلى الجنوبي وغيره، برغم أن المملكة العربية السعودية استثمرت كثيرا في اتفاق الرياض، مفترضة أنه سيوحد القوي المناهضة للحوثيين، بينما الإمارات نظريا تنسحب من المشهد.

إن فشل المملكة العربية السعودية في تقديم الدعم اللازم للحكومة الجديدة يهدد بقاءها، فهي تواجه مشكلة غياب الخدمات الأساسية في مناطق سيطرتها، وما ينتج عنه من انفصالها عن جماهيرها، وذلك يظهر عجزها أمام التوقعات المتزايدة للجماهير. وفي خضم كل ذلك تأتي المبادرة السعودية الجديدة لاستئناف العملية السياسية القائمة على مقترحات سابقة، لم تؤد إلى أي نتائج.

وبينما تحاول الحكومة تثبيت أقدامها تصارع المكونات الجنوبية نفسها بين شعارات استعادة الدولة الجنوبية والانخراط في الحكومة، حيث يعتبر المجلس الانتقإلى مشاركته في الحكومة مخاطرة كبيرة، فهي قد تؤدي إلى خسارة شعبيته في الجنوب، الذي يطالب بالاستقلال من ناحية، والقلق المستمر بسبب الاعتقاد السائد بأن الإصلاح سيحاول فرض الوحدة بالقوة، واستمرار تحشيد قواته في الجنوب عوضا عن إرسالها للجبهات.

في الأثناء، يستمر الحوثيون بالحصول على أسلحة متطورة، وتتعمق رغبتهم في زيادة مساحة سيطرتهم لتحسين وضعهم التفاوضي. وتحاول إيران الاستفادة واستخدام الحوثيين ورقة ضغط في صراعها مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال زيادة الدعم العسكري والسياسي، مما أدي إلى زيادة توقعات ومطالب الحوثيين.

ويستمر التصعيد بين إيران والولايات المتحدة بينما لم يشهد الوضع الداخلي الإيراني أي نتائج إيجابية، وخاصة بعد التغيير في الولايات المتحدة، مما أدى إلى إضعاف المعتدلين لصالح الصقور، وخاصة في ظل اقتراب الانتخابات الإيرانية التي يمكن أن تنتج نظاما أكثر تشددا مع المملكة العربية السعودية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

الولايات المتحدة وإيران تحاولان تحشيد وتنظيم الحلفاء الإقليمين قبل إمكانية بدء المفاوضات، فالصلح الخليجي، وتغيير تركيا سياساتها مع الإخوان المسلمين والانفتاح على مصر، والاتفاق الليبي، والحوارات الفلسطينية في القاهرة، كل ذلك يؤشر إلى التقليل في حجم التوتر بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

بينما تقوم الولايات المتحدة بمحاولة تقوية وضعها في المنطقة، عينت مبعوثا أمريكيا لليمن للمرة الأولى لما لذلك من أهمية سياسية وديبلوماسية، وبالرغم من وجود مبعوث للأمم المتحدة، هل سيعمل المبعوث الأمريكي على أن تكون الحكومة اليمنية الجديدة شريكا، ويعمل على تغيير واقع تهميش تلك الحكومة؟ من المنطق أن يبحث أي مبعوث على آلية جديدة لصنع السلام والاستقرار، والآليات تحتاج إلى أدوات، والحكومة، رغم التحديات والصعوبات التي تعيق عملها، يمكن أن تكون هي الأداة علي طريق صنع الاستقرار، لما تتميز به من مواصفات سياسية. فهي الأكثر تمثيلا واستطاعت أن تبدأ بالعمل بروح الفريق، بالرغم من اختلاف توجهات مكوناتها، وتبقي تحدياتها الرئيسة في نقص الصلاحيات والدعم.

وعليه، إن نجاح أي عملية سلام في اليمن يتطلب إشراك الحكومية في العملية السياسية بشكل فاعل، والذي يجب أن يسبقه توفير الدعم لها من خلال الآتي:

1 . تمكين الحكومة من مصادر الدخل المحلي، بما فيها الضرائب والجمارك، كي تمتلك الموارد لتستطيع القيام بسد احتياجات مصاريفها وخدماتها اليومية.

2 . تقديم الدعم للحكومة لسد الاحتياجات المتراكمة، وللبدء في مشاريع خدمية استراتيجية.

3 . تمكين الحكومة من الانخراط في العملية السياسية، والبدء في حوار داخلي يستهدف اتفاق أطرافها على خارطة طريق سياسية للمرحلة المقبلة، وتحمل مسئولياتها في البحث عن حلول للصراع اليمني بالمشاركة مع الرئاسة اليمنية.

إن النجاح في توفير ذلك يقع في إطار مسؤولية مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية، وكذلك المجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة والولايات المتحدة، والقيام بذلك سينتج آفاقا للسلام في اليمن؛ مما يساهم في استقرار سياسي في المنطقة، يمكن أن يساهم في التأثير إيجابيا في حفظ السلام في الإقليم والعالم.

إن عدم نجاح الأطراف المذكورة في دعم مثل هذا التوجه سيؤدي إلى استمرار وتعمق الصراع في اليمن، وإمكانية امتداده وزيادة المعاناة الإنسانية في اليمن والتأثير السلبي على الاستقرار في المنطقة والملاحة العالمية.

إن استمرار واقع الصراع في اليمن يحمل في طياته أخطارا جمة على اليمن وجيرانه والعالم، وإن الصراع سيؤدي إلى شرذمة غير مسبوقة في تاريخ اليمن والمنطقة. إن تجربة الصومال لا زالت تلقي بظلالها على المنطقة والعالم، ولا يمكن مقارنة ما سينتج عن تشرذم اليمن وغيرها، لموقع اليمن ولإمكانياته البشرية والطبيعية.

اذا ما تفكك اليمن ستكون نتائجه غير مسبوقة علي أمن واستقرار الخليج والملاحة الدولية والاستقرار الإقليمي. وأخيرا إن حل مشكلة اليمن أرخص على المنطقة والعالم بكثير من استمرارها، وعلي الجميع حسابها جيدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى