موجات الضياع..

> أغلقت المدارس، هذه المرة، أبوابها باكرًا، يبدو من امتداد الفترة التي تبدأ من 1 إبريل إلى 1 سبتمبر أن عطلة الصيف هذا العام طويلة، وسيشهد خلالها الفضاء ضجيجًا من نوع آخر.. وصَخَبًا غير مألوف، وربما تغيُّرًا في حالة الطقس، وتقلُّبًا في أحوال البيئة!
لا نعلم ما إذا كانت وزارة التربية، ستُعلن عن عام دراسي جديد، قبل الموعد المعتاد، لكن لسان حال طالب العلم في المدرسة، الدُّعاء بطول عمر الإجازة، أما المعلّم البائس، فلا ضير عنده من تمديد عطلة الصيف، وغلق باب المدرسة، فما لم يستطع تحقيقه بالإضراب، استطاع تحقيقه بفيروس كورونا!

قال وزير التربية، إن مساعي من قِبَل الحكومة تجري لتحقيق مطالب المعلّم، ولَكُم أن تتصوروا أي روح سيعود بها المعلّم إلى المدرسة، بعد خمسة أشهر من البؤس، والحرمان، إذا فشلت تلك المساعي، وذهبت أدراج الرياح.
لن يكون بمقدور الحكومة بعد هذا الانتظار أن توقف "ثورة المعلّم"، إذا ما أخلفت الوعد، وهي قد التزمت من قبل بتنفيذ مطالبه، ربُّما تكون ثورة أقرب إلى الطوفان، لاسيما سيأتي وقت فتح المدارس، والمعلّم المناضل مُثْقَل بديون رمضان، وعيدين من بعده.

قد يقول قائل إن المعلّم أفضل حال من غيره، ونحن نقول كلّا؛ بل "الشاقي" الذي يحمل ملعقة الإسمنت، ومطرقة الحَجَر، ليبني بيتًا، أفضل حال من المعلّم؛ لأنه يتقاضى مالا يقل عن 10000 ريال، كأجر يومي، وربما يزيد على ذلك، بينما المعلّم "الغلبان" الذي يبني إنسانًا، أجره اليومي يتراوح بين 2000- 3000 ريال، وبعضهم أقل من ذلك .

وعليه فالمعلّم مقيّد بمهنة التعليم، ولو أنه حُرٌ غير محاصر بوظيفة لا تُغني ولا تُسمن من جوع، لذهب يعمل عملًا آخر، لتحسين دخله، في عمارة البيوت، والمنشآت، ولو كلّ ساعده، وتَعِبَ زنده، فقد قالوا قديمًا " تعب رِجلي ولا تعب قلبي"!
إنّ طول فترة الإجازة هذه المرّة سيُحدث ضياعًا لأبنائنا، بذريعة الموجة الثانية أو الثالثة لكورونا، بينما الغرب الذي يروِّج إعلامه للفيروس المميت بزعمه، لديه وسائل حديثة، لسدة الفجوة، التي قد يُحدثها الوباء في مدارسهم، ومراكز التعليم لديهم.

إنّ الغرب بوسائل إعلامه، أستطاع أن يحقق بالدعاية لكوفيد ـ 19 مالم يستطع تحقيقه منذ عقود بالتغريب، والغزو الثقافي، والفكري، فقد نجح في تعطيل أداء الشعائر في المساجد كالصلاة، وأداء المناسك، وربما يعلن الآن في تغريدة على تويتر، أن صيام رمضان يفقد المسلم المناعة لمقاومة الفيروس.
إن الإصغاء للصوت القادم من الغرب، يعني الضياع في الدنيا، والدين، والاستسلام للفراغ والعطالة.

نحن نحترز لأنفسنا من الوباء بطريقتنا، وليس بأهواء بوقهم الإعلامي.
ترى ماذا ستقدم الحكومة لأبنائنا خلال هذه العطلة الطويلة، من برامج مفيدة، وأنشطة نافعة.. أم أنها سترمي بهم إلى مهاوي الضياع، وتجعل منهم طُعمًا لجماعات التطرُّف، للقضاء على ما تبقى من نبض لهذا الوطن .. فيدونا يرحمكم الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى