كلمات في رمضان .. الاعتذار ثقافة وشجاعة

>
لا يخلو أي شخص من لحظات، أخطأ أو يخطئ فيها إلى أحد بكلمة أو..، فينتج عنه مشاعر سلبية وحزن، وأحيانًا خصومة بين الطرفين، فمن منا معصوم من الخطأ؟ فالمعصوم هو نبينا صلى الله عليه وسلم فقط، وغير ذلك فكلنا خطَّاؤون، إن أنفسنا التي بين جوانبنا، وكل من حولنا، نحن مدينون لهم بالاعتذار، والاعتذار شجاعة، ويعتبره البعض فضيلة.

الاعتذار هو علاج الخطأ في حق الآخرين، قد يكون الخطأ تجاه الله تعالى، أو تجاه النفس، أو تجاه الآخرين، وتصحيح الخطأ تجاه الله تعالى، يكون بالإقلاع عن الخطأ، أو المعصية، والتوبة النصوحة منها، أما تجاه النفس فيكون التصحيح بالمحاسبة والمراجعة، بينما تصحيح الخطأ تجاه الآخرين يكون بالاعتذار، والتحلل من تبعات الخطأ.
وللاعتذار أنواع متعددة، منها الاعتذار عن الخطأ، أي طلب المسامحة عن الإساءة، ومنها الذي يعبِّر عن تبرير التصرف الذي أدَّى إلى شحن النفوس، ولا يقصد منه طلب العفو، إنما فقط لبيان أسباب الخلاف، ومنها الاعتذار عن قلة الحيلة، وعدم القدرة على المساعدة، والاعتذار بالنيابة عن طرف آخر، كاعتذار الأب الصالح، عن تصرفات ابنه الطالح، أو اعتذار زوجة عن تصرفات زوجها، أو اعتذار الجار لجاره، عن مشاغبات أبنائه، وغيره من هذا النوع من الاعتذارات.

وأشكال الاعتذار تختلف بالنسبة للناس: فمنهم -وهم الأغلب- من يعتذر لفظًا بكلمة "آسف"، ومنهم من يعتذر بالفعل، كأن يقوم بتقديم هدية، تعبيرًا عن أسفه وندمه من الخطأ الصادر منه، ومنهم من يتخذ من الكلام عن مشاعره، وحبه للشخص وسيلة للاعتذار، ومنهم من يتخذ الوسائل الأخرى كالاحتضان، أو المصافحة وغيره، وقد تكون هذه الطريقة أفضل بالنسبة للبعض، وكل هذه الوسائل ناجحة وموفقة في إعادة العلاقة بين الطرفين، وكسر حاجز الجفاء والفراق.

وعلى الرغم من أن الاعتذار فضيلة وخلق عظيم، ودليل تواضع ونبل، إلا إننا يجب أن لا نضع أنفسنا في مواقف تلزمنا بالاعتذار، فالاعتذار اعتراف بالخطأ، وما أخطأنا إلا من تقصير في أفعالنا، أو أقوالنا أو تفكيرنا، وقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم  ثلاث وصايا عظيمة، ففي حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عظني وأوجز -وفي رواية علمني وأوجز- فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدًا، واجمع الإياس مما في أيدي الناس" رواه أحمد والطبراني، هذه وصية عظيمة تدعونا إلى إمساك ألسنتنا عن الكلام الخطأ بكل أنواعه، حتى لا نضطر إلى الاعتذار، أما إذا وقع الخطأ فالاعتذار وطلب العفو واجب، حتى لا يكون الطرف الآخر خصمًا لنا يوم الحساب.
لا يمكن أن نعيد الزمن ونمحو أخطاء، أو سلوكيات مسيئة، أو محزنة للآخرين، لكننا نستطيع أن نمحو آثار تلك الأخطاء، بكلمة بسيطة صادقة تنبع من قلوبنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى