حرب العملة والانقسام الاقتصادي.. انعكاس للانقسام السياسي يتحمل وزره المواطن

> «الأيام» "منصتي 30:

> يعاني اليمن منذ أكثر من ستة أعوام العديد من الأزمات الناتجة عن الصراع الذي تعيشه البلد، وأدى إلى زعزعة الحياة في مختلف جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، بالإضافة إلى الانحدار في كافة البُنَى التحتية والمنظومات الخدمية ابتداءً بالتعليم ومروراً بالصحة والتجارة والإسكان، ويعتبر الضرر الناتج عن انهيار الاقتصاد في البلاد سبباً رئيسياً في تفاقم العديد من المشاكل التي عانى ويعاني منها المواطن بقدرٍ مضاعف، فحسب الإحصائيات تبلغ نسبة البطالة 60 % من نسبة السكان، وارتفاع كل من أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية بنسبة 19 % و 35 % على التوالي، وحيث تقدر خسائر اليمن الاقتصادية بحوالي 75 مليار دولار.

إلى أين يتجه اقتصاد اليمن؟
اعتبر الباحث الاقتصادي عيظة بن أحمد البريكي أن الانهيار والتدهور الحاصل في الاقتصاد اليمني نتيجة لعدة أسباب: "تعد الحرب أحد الأسباب الرئيسية في تدهور الاقتصاد اليمني بشكل عام، حيث يشهد اليمن منذ عام 2014 ارتفاعاً في نسبة السكان تحت خط الفقر من 65 % إلى 85 % في عام 2018، حسب تقرير وزارة المالية، ومن أبرز تداعيات الحرب اليمنية انكماش الناتج المحلي".

وأضاف البريكي إلى الأسباب المذكورة أعلاه أسباباً أخرى: "ويعد الفشل الأكبر في سوء الإدارة للنظام المصرفي في اليمن أحد الأسباب البارزة لتدهور الاقتصاد، حيث يعتمد اليمن على إيرادات الصادرات من النفط الخام والغاز وتحويلات المغتربين والقروض من الدول المانحة والمساعدات الخارجية بشكل عام، وتعد هذه الإيرادات من أهم موارد النقد الأجنبي للدولة، ومن سوء النظام المصرفي استنفاد الوديعة السعودية، والتي مكنت البنك المركزي من تغطية الواردات الأساسية منذ 2018".

وأنهى حديثه معقباً على دور الصراعات المتفرقة في تفاقم الانهيار: "ويعد الصراع البارز ما بين الفرقاء اليمنيين في شمال اليمن متمثلة بالحكومة الشرعية وأنصار الله، وجنوب اليمن ما بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، أحد أبرز العوامل التي تساهم في زعزعة الاقتصاد وعدم استقراره لفترات طويلة".
كل هذهِ العوامل السلبية ضاعفت من حجم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، واتخاذ حكومة عدن قرار إصدار طبعة جديدة للريال اليمني لحقته العديد من التبعات التي زادت من حدّة الوضع، ومن سوء وضع الاقتصاد الذي تعيشه اليمن كاتخاذ حكومة صنعاء خطوة حظر تداول الطبعة الجديدة في مناطق حكمها.

حرب العملة
وأشار الخبير اليمني فاروق الكمالي في سلسلة تغريدات سابقة على "تويتر" إلى أن ارتفاع الأسعار وعمولات التحويل يعود إلى قرار الحظر: "تضرر الناس العاديون جراء تلك الممارسات من خلال تحمل تكاليف متزايدة نتجت عن حرب العملة، سواء في ارتفاع الأسعار أو في زيادة رسوم التحويلات المالية"، وأضاف: "أدى حظر الحوثيين (أنصار الله) تداول الأوراق النقدية الجديدة، إلى انخفاض المعروض من الريال في المناطق التي يسيطرون عليها مقارنة بزيادة المعروض من العملة المحلية في مناطق الحكومة، خاصة مع زيادة تدفق الأوراق النقدية الجديدة بالريال إلى المناطق الحكومية، وبالتالي نتج عن ذلك توسع فارق سعر الصرف".

وأوضح الكمالي بعض النتائج المترتبة: "مع إطالة مدة حظر النقود الجديدة، سينخفض عرض النقود من الطبعة القديمة أكثر، وهذا سيؤدي إلى توسع فارق الصرف، وبالتالي زيادة رسوم التحويلات، وفي المحصلة سيؤدي إلى كساد اقتصادي وتضخم مفرط وتوقف للأنشطة الإنتاجية".
منع تداول الطبعة الجديدة من حكومة صنعاء (غير المعترف بها دولياً) في مناطق حكمها ضاعف من انهيار المنظومة الاقتصادية وأدى إلى انقسام المؤسسة الاقتصادية، حيث عملت بشكل أو بآخر على زيادة المتاعب التي يتكبدها المواطنون.

يقول الناشط الشبابي عوض بادخن -وهو أحد المواطنين المتضررين من اختلاف العملات- "كشاب يمني يكثر تنقله بين المحافظات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء وحكومة عدن كان عائد الضرر المادي يتفاقم في كل سفرة داخلية أقوم بها لغرض العمل، وفي غالب الأوقات توقفت عن القيام ببعض الأعمال بسبب المغالاة في التحويل بين الطبعات، وعدم توفرها في محال الصرافة والسماسرة الذين يضاعفون من ضريبة التحويل دون ضوابط أو رقابة".

في السياق، عبرت الممرضة خولة مكنون عن تضررها من هذا الوضع قائلة: "وجود طبعتين مختلفتين في حدود الجمهورية اليمنية المنقسمة بين حكومتين واحدة في صنعاء والأخرى في عدن، والفرق الهائل في قيمة العملة من صنعاء إلى عدن، وارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من المحافظات الأخرى قد فاقم من المأساة والصعوبة التي نعيشها منذ ستة أعوام حتى هذه اللحظة، وخاصة في أوقات تنقلنا ما بين المحافظات المختلفة لغرض العلاج أو العمل أو الزيارة".

يمثل هذا الانقسام الاقتصادي وجهاً آخر للانقسام السياسي الواقع مذ اندلاع الحرب إلى هذهِ اللحظة، والذي يتحمل أوزاره المواطن في عدن أو صنعاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى