من علماء المسلمين.. إبراهيم الزرقالي

> أبو أسحاق إبراهيم بن يحيى التّجيبيّ النقّاش (420 ـ 480 هـ، 1029 ـ 1087). المعروف بـابن الزّرقالة والزرقاليّ المستحدثة في لهجة العصر إلى "الزركالي" و"الزركلي" ويعرف في اللاتينية باسم "Arzachel" ‏، هو فلكي أندلسي، يصنف من بين أعظم راصدي الفلك في عصره، وواحد زمانه في علم العدد.
بالرغم أن اسمه المعروف هو الزرقالي، إلا أنه على الأرجح أن يكون اللفظ الصحيح له هو الزرقالة.

يُشتق اسم الزرقالي من الكلمة اللاتينية "أرزاشيل" التي تعني النقّاش. وُلد الزرقالي وعاش في مدينة طليطلة في الأندلس، ثم انتقل إلى قرطبة في وقت لاحق من حياته وعمل فيها مدرّسا.

ألهمت أعماله جيلًا من الفلكيين الإسلاميين في الأندلس، وانتشر تأثير هذه الأعمال إلى أوروبا بعد أن تُرجمت إلى العديد من اللغات الأوروبية، كما سُميت حفرة في القمر (أرزاشيل) نسبة وتقديرًا له. أنجز الزرقالي عددا من الاختراعات والابتكارات، من أهمها اختراعه لصنف جديد من الأسطرلابات، يُعرف باسم الصفيحة الزرقالية، الذي أظهر شعبية كبيرة، وكان يُستخدم على نطاق واسع من قبل الملاحين حتى القرن السادس عشر.
رسم خرائطي في أحد مؤلفات الزرقالي
رسم خرائطي في أحد مؤلفات الزرقالي

بدأ الزرقالي حياته المهنية كصانع للمعادن، وأُطلق عليه اسم النقاش "نقّاش المعادن" لمهاراته في الثقب. كان موهوبًا بشكل خاص في الهندسة وعلم الفلك، إذ جعله إتقانه لعمله وخبرته عالم الفلك الأول في عصره. كان الزرقالي أيضًا مخترعًا، وساعدت أعماله في وضع مدينة طليطلة في مقدمة المركز الفكري للأندلس.
تولّى ملك قشتالة المسيحي (ألفونسو السادس) حكم مدينة طليطلة في عام 1085، فاضطر الزرقالي وزملاؤه، مثل الوقاشي (1017-1095) من طليطلة، إلى الهروب من سلطة الحكم الجديد.

أثرت أعمال الزرقالي على مجموعة من العلماء من أمثال ابن باجة وابن طفيل وابن رشد وابن الكماد وابن هائم الإشبيلي ونور الدين البتروجي. ترجم جيراردو الكريموني أعماله إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، وأشار إلى الزرقالي باعتباره عالم فلك. بالإضافة إلى ذلك، كتب ريجيو مونتانوس كتابًا عن مزايا الصحيفة الزرقالية في القرن الخامس عشر، وكتب العالم الألماني (يعقوب زيغلر) تعليقًا على أحد أعمال الزرقالي في عام 1530. نقل (نيكولاوس كوبرنيكوس) أعمال الزرقالي والبطاني في أحد كتبه في عام 1530.

كتب الزرقالي كتابين عن إنشاء أداة "الاكواتوريوم" التي تعمل على حساب موقع الكواكب باستخدام الرسوم البيانية. تُرجمت هذه الأعمال إلى اللغة الإسبانية في القرن الثالث عشر بأمر من الملك ألفونسو العاشر في قسم من سلسلة كتب معرفة علم الفلك بعنوان "كتب صفائح الكواكب السبعة".
عمل الزرقالي على تصحيح البيانات الجغرافية لعالم الفلك بطليموس والخوارزمي. فضلا على ذلك، صحح تقدير بطليموس لخط طول البحر الأبيض المتوسط من 62 درجة إلى القيمة الصحيحة 42 درجة.

كان الزرقالي أول من أظهر حركة أوج الشمس فيما كتبه حول السنة الشمسية، التي لم يتبقَ منها إلا النسخة المترجمة للغة العبرية. وعمل على قياس معدل حركتها؛ فأظهرت النتائج بأنها تتحرك بنسبة 12.04 ثانية في السنة، وتُعتبر هذه القيمة مطابقة تقريبا للحساب الحديث الذي يُقدّر بنسبة 11.77 ثانية. عُرض نموذج الزرقالي لحركة الشمس الذي يتحرك فيه مركز أشعة الشمس في دائرة صغيرة تدور ببطء لإعادة إنتاج الحركة المرصودة لأوج الشمس، واستخدم كوبرنيكوس هذا النموذج في القرن السادس عشر، وعُدّل على شكل نظرية مركزية الشمس في كتابه دوران الأجرام السماوية.

ساهم الزرقالي أيضًا في جداول طليطلة الشهيرة، وهي تكيف للبيانات الفلكية السابقة مع موقع مدينة طليطلة مع إضافة بعض المواد الجديدة.

اشتهر الزرقالي كذلك بكتابه بعنوان كتاب الجداول. أُلفت العديد من كتب الجداول، ولكن كان لنسخة الزرقالي تأثيرًا كبيرًا، إذ سمحت باكتشاف الأيام التي تبدأ فيها الأشهر القبطية والرومانية والقمرية والفارسية، والجداول الأخرى التي تعطي موقع الكواكب في أي وقت معين، ولا تزال بعض الجداول الأخرى تسهّل التنبؤ بالكسوف الشمسي والقمري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى